ولا تقع "هل" في هذه المواقع، كذلك الهمزة تُحذف إذا دل عليها دليل، بخلاف "هل" وقد حمل بعضهم عليها على ذلك، قوله تعالى: ﴿وَتِلْكَ نِعْمَةٌ تَمُنُّهَا عَلَيَّ أَنْ عَبَّدتَّ بَنِي إِسْرَائِيل﴾ (الشعراء: ٢٢) أي: أتلك نعمة تمنها علي أن عبدت بني إسرائيل، فحذفت الهمزة لدلالة عليها بسياق الكلام.
هذا ما تختلف فيه الهمزة عن هل أما معانيها التي هي موضوعنا؛ فهي تأتي لمعنى التسوية، والتسوية بمعنى أنها تسبق بكلمة سواء، أو ما يؤدي معناها، يعني ليست قاصرة على أنْ تُسبق بكلمة سواء؛ فإذا سُبقت بكلمة نحو "ما أبالي" "ما أدري" "ليت شعري" فهذه الكلمات تؤدي أيضًا معنى التسوية مع استخدام الهمزة، قال تعالى: ﴿سَوَاء عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ﴾ (المنافقون: ٦) فهذه الهمزة الداخلة على جملة يصح حلول المصدر محلها، هذه الهمزة تسمى همزة التسوية، ولا يشترط أن تسبق بكلمة سواء بعينها. فهنا المعنى سواء عليك استغفارك أو عدمه.
المعنى الثاني من معاني الهمزة: هو أنها تفيد معنى الإنكار: الإنكار نوعان: هناك إنكار إبطالي، وهناك إنكار توبيخي، فهي تفيد معنى الإنكار الإبطالي، ومعنى الإنكار الإبطالي: أنّ ما بعدها غير واقع، وأن مدعيه كاذب قال تعالى: ﴿أَفَأَصْفَاكُمْ رَبُّكُم بِالْبَنِينَ وَاتَّخَذَ مِنَ الْمَلآئِكَةِ إِنَاثًا﴾ (الإسراء: ٤٠) وقال سبحانه: ﴿فَاسْتَفْتِهِمْ أَلِرَبِّكَ الْبَنَاتُ وَلَهُمُ الْبَنُون﴾ (الصافات: ١٤٩) وقال سبحانه: ﴿أَفَسِحْرٌ هَذَا أَمْ أَنتُمْ لاَ تُبْصِرُون﴾ (الطور: ١٥) وقال سبحانه: ﴿أَشَهِدُوا خَلْقَهُمْ﴾ (الزُّخرُف: ١٩) وكذلك في قوله سبحانه: ﴿أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا﴾ (الحُجُرات: ١٢) وقوله سبحانه: ﴿أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الأَوَّلِ﴾ (ق: ١٥).


الصفحة التالية
Icon