شهدت لهذه المعاني، وأقوال العلماء فيها لم تكن على إطلاق أن الحرف يأتي لأكثر من معنى، وإنما الأساس هو السياق الذي يرد فيه الحرف، وهذا وجه من وجوه الإعجاز في استخدام الحرف.
والمسألة الثانية هي: قضية حروف الزيادة، وقضية حروف الزيادة نكتفي فيها الآن بأن نقول: "إنّ الزّيادة المقصودة لا تعني زيادة في اللفظ، ولا في المعنى، وإنّما هو مصطلحٌ يَضعُه النحاة، يَدُلّ على أنّ الحرف لا يؤثر في الإعراب".
كيف كان استخدام حروف المعاني وجهًا من وجوه الإعجاز اللغوي؟
نأتي الآن إلى القسم الثاني من الدرس وهو: الكلام عن سر الإعجاز، أو كيف كان استخدام حروف المعاني وجهًا من وجوه الإعجاز اللغوي في القرآن الكريم؟
وهذا ما أشار إليه المدققون كابن الأثير في كتابه (المثل السائر) عندما عقد فصلًا في الحروف العاطفة والجارّة، وبيّن فيه: أنّ كلامه لا ينصب على الناحية النحوية، ولكنه عقد هذا الفصل؛ لأن أكثر الناس يضعون هذه الحروف في غير مواضعها، فيجعلون ما ينبغي أن يجر بـ"على" مجرورًا بـ"في"، وأن هذه الأشياء فيها دقائق وأسرار.
وبدأ -رحمه الله- يعرض لنا نماذج من حروف العطف؛ فأتى بقوله تعالى: ﴿وَالَّذِي هُوَ يُطْعِمُنِي وَيَسْقِين * وَإِذَا مَرِضْتُ فَهُوَ يَشْفِين * وَالَّذِي يُمِيتُنِي ثُمَّ يُحْيِين﴾ (الشعراء: ٧٩ - ٨١) فالمولى -سبحانه وتعالى- استخدم في هذه الآيات الثلاث ثلاثة أحرف للعطف: "الواو والفاء وثم" فالأول عطفه بالواو، التي هي


الصفحة التالية
Icon