قوله تعالى: ﴿فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا﴾ (مريم: ٢٦) ومن ذكر الأبد في قوله تعالى: ﴿وَلَن يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا﴾.
كذلك حرف "لا" كيف يقال: أنه لا يفيد تأبيدًا، وفي سياق الآيات قد جاء ما يفيد فيه التأبيد كقوله تعالى: ﴿لاَ تَأْخُذُهُ سِنَةٌ وَلاَ نَوْمٌ﴾ (البقرة: ٢٥٥) وقوله تعالى: ﴿وَلاَ يَؤُودُهُ حِفْظُهُمَا﴾ وقوله تعالى: ﴿لاَ يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا﴾ (فاطر: ٣٦) فإذًا الذي يرتاح إليه الرأي أن حرف "لا" وحرف "لن" لا يفيدان تأبيدًا من أنفسهما أو بلفظهما، وإنّما التأبيد وعدمه يكون بقرينة السياق، التي هي أساس البلاغة جميعها.
عَرض بعد ذلك مثالًا لاستخدام حروف الجَرّ، أعطينا مثالًا لاستخدام حروف العطف، ومثالًا آخر لاستخدام حروف النفي، ونضرب مثالًا لاستخدام حروف الجر في موضعين متشابهين: قال الله سبحانه وتعالى: ﴿قُولُواْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَآ أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ﴾ (البقرة: ١٣٦) وقال سبحانه وتعالى: ﴿قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَقَ وَيَعْقُوبَ﴾ (آل عمران: ٨٤) إلى نهاية الآيتين فهنا السؤال استخدم في أحدهما حرف الجر "إلى" واستخدم في الأخرى حرف الجر "على" فهل هناك فرق بين استخدام الحرفين؟
هذا هو السؤال والجواب عن هذا السؤال: وجهه الشيخ بمعنى لطيف وهو: أن "إلى" و"على" يختلفان في الدلالة؛ فحرف على موضوع لكون الشيء فوق الشيء، ومجيئه من علو؛ فهي مُخْتَصّة فحرف على يختص بجهة من الجهات الست، ولا يكون على الإطلاق، فهو يأتي من مكان معين، وهذا يناسب الخطاب للنبي الكريم -صلى الله عليه وسلم: ﴿قُلْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنزِلَ عَلَيْنَا﴾ "قل" فالخطاب هنا موجه للنبي صلوات الله وسلامه عليه؛ فناسب أن يستخدم معه حرف الجر


الصفحة التالية
Icon