التحزين له جانبان؛ جانب مقبول وهو الذي يَقرأ القرآن بخشوع وخضوع، وجانب مرفوض هو المبالغة في هذا الأمر، وحتى أنه يبالغ في التصنع في هذا الأمر، فالسامع لا يتبين الحروف من قارئها.
لغة القرآن
الأصل فيمن نزل القرآن بلغتهم قريش، كان طبيعيًّا أن يكون القرآن بلغة قريش؛ لأن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قرشي، ثم ليكون هذا الكلام زعيم اللغات كلها كما استمازت قريش من العرب بجوار البيت وسقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام، وغيرها من خصائصهم، وقد ألف العرب أمرهم ذلك، واحتملوا عليه، وأفردوهم به، كذلك يكون الأمر في كلام الله -سبحانه وتعالى-.
يعني: العرب ألفوا أن قريشًا هي سيدة العرب وهي أعلى القبائل شأنًا بين العرب، فكون القرآن يأتي بلغتها ذلك يناسب سيادتها للعرب قبل.
وأيضًا وجه آخر لنزوله بلغة قريش وجه جلي: أن قريشًا اشتملت لغتها على لغات العرب، فكانت تأخذ من اللغات أحسنها بحكم الجوار كثقيف وهوازن وهُذيل وغيرها من القبائل، وبني سعد وغيرها ممن هم على مشارف مكة. وأيضًا عندما كان يأتيها في المواسم من القبائل الأخرى البعيدة عنها كتميم وغيرها، كانت تؤخذ أعلى اللغات في لغة قريش، فقريش ضمت لغات العرب أصفاها وأحسنها. فالقرآن لو نزل بغير ما ألفه النبي -صلى الله عليه وسلم- من اللغة القرشية وما اتصل بها، كان ذلك مغمزًا فيه -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم- أن يأتيهم بلغة ليست بلغتهم، وبطريقة كلام لا يعرفونها.