وكذلك عندنا قراءة قوله تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ زُيِّنَ لِفِرْعَوْنَ سُوءُ عَمَلِهِ وَصُدَّ عَنِ السَّبِيلِ وَمَا كَيْدُ فِرْعَوْنَ إِلَّا فِي تَبَابٍ﴾ (غافر: ٣٧) قرئت: "وصد على السبيل" بالبناء بما لم يسم فاعله، أو بالبناء للمجهول، وقرئ: "وصد عن السبيل" بالبناء للمعلوم. وقيل: القراءتان قرئت تواترًا. وهذه القراءة - بالبناء للمفعول: "صُد عن السبيل" إخبار من الله -سبحانه وتعالى- عن انحراف فرعون وفجوره، وأن الله -سبحانه وتعالى- صَدَّ هذا الطاغية عن سبيل الحق، وعن طريق الهداية؛ لما بدر منه، وبما كان من تعنته، وبما كان من ادعائه الألوهية والربوبية، وما برز منه تجاه المولى -سبحانه وتعالى-. فجاءت القراءة الأخرى: "وصَد عن السبيل" بالبناء للمعلوم، بنسبة الفعل إلى فرعون؛ لأنه هو الذي فعل هذا الصد، فأفادت القراءة أن الأفعال للمولى -سبحانه وتعالى- وأنه قد تُنسب إلى العباد على سبيل المجاز، مع أن الله -سبحانه وتعالى- هو المالك المتصرف في خلقه كما يشاء.
مطلب آخر في مسائل الاعتقاد هذا المطلب ما يتعلق بالنبوات:
فالأنبياء هم أكرم خلق الله -سبحانه وتعالى- والأنبياء هم المعصومون المبرءون الذين اختارهم الله من صفوة خلقه؛ لكي يبلغوا رسالة ربهم، فالنبي يُعتقد فيه الكمال ويعتقد فيه أنه مرسل من الله -سبحانه وتعالى- مبرئًا من العيوب أو ما يشينه. فكانت القراءات في موضع من المواضع وفي بعض القراءات ما يؤكد هذا المعنى بما يختص به رسل الله -سبحانه وتعالى- قال المولى -سبحانه وتعالى-: ﴿وَمَا هُوَ عَلَى الْغَيْبِ بِضَنِينٍ﴾ (التكوير: ٢٤) فقرئت تواترًا: ﴿بِضَنِينٍ﴾ وقرئت: "بظنيين" أي: بالضاد وبالظاء، والمعنى يختلف على القراءتين، ولكنه ينصب في عِصمة الأنبياء، وفي بيان قدر الأنبياء المكرمين، فما هو على الغيب بضنين، أي: ببخيل.