شعرهم قبل أن تقعد قواعد اللغة، وتكون عِلمًا يعرف بهذه الصورة، صاغوا أشعارهم وأُخِذت عنهم اللغة، وكان ذلك دون معرفة بالمصطلحات النحوية.
فإذًا القضية التي يجب أن ننبه عليها بأن مقصدنا بالمزايا والفساد في الاستخدام النحوي، هو التخير، وهو تفضيل معنًى نحوي عن آخر في استخدامه لا مجرد العلم بقواعد اللغة، فإنه مِن البديهي أنه لن يخرج لنا أحد تراثًا أدبيًّا وهو لا يعرف لغة العرب، ويعتد بكلامه، فنأخذ عنه لغته، ذلك أمر معروف أنه مَن أراد أن يكتب شعرًا أو نثرًا أو إلى ذلك، لا بد أن يتخطى أولًا مرحلة تعلم اللغة العربية.
بيان هذه المزايا التي أشار إليها الجرجاني في النظم، وضربَ نماذجَ لها:
يبين عبد القاهر أن فساد النظم له شواهد اتفق الجميع على بيانها؛ بسبب الخلل في قواعد اللغة في التقديم والتأخير، والذكر والحذف، إلى غير ذلك، وضرب أمثلةً بأنهم لم يخالفوا على نقد قول الفرزدق:
وما مثله في الناس إلا مملَّكًا | أبو أمه حي أبوه يقاربه |
وقول المتنبي:الطيب أنت إذا أصابك طيبُه | والماء أنت إذا اغتسلت الغاسل |
وقوله أيضًا:وفاؤكما كالرَّبع أشجاهُ طاسِمُه | بأن تُسعِدا والدَّمعُ أشفاه ساجمُه |
فنظائر ذلك مما وصفوه بالفساد، وعابوه من جهة سوء التأليف، أن الفساد والخلل كان من تعاطي الشاعر ما تعاطاه من هذا الشأن على غير صواب، وصنع من تقديم وتأخير أو حذف وإضمار، أو غير ذلك مما ليس له أن يصنعه، وما لا