عقل وحظ نكرة، والنكرة إذا ما وقع بعدها الجار والمجرور كان صفة لها، وليس خبرًا، وإلا سار المبتدأ هنا لا مسوغ للابتداء به مع كونه نكرةً.
كذلك أيضًا ذكروا من الأغراض بذكر المسند: التعريض بغباوة السامع، واستدلوا لذلك بقوله تعالى حكايةً عن إبراهيم -عليه السلام- عندما سئل: ﴿أَأَنْتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ﴾ (الأنبياء: ٦٢) فقال -عليه السلام-: ﴿بَلْ فَعَلَهُ كَبِيرُهُمْ هَذَا﴾ (الأنبياء: ٦٣) كان يمكنه في الجواب أن يقول: بل كبيرهم هذا، لكن المسند الفعل ذكره -عليه السلام- ليبين لهم أنهم أغبياء، حيث يظنون أن هذه الآلهة تستطيع أن تفعل شيئًا، وكذلك يظهر من خطابه -عليه السلام- أنه يسخر منهم، ويتهكم على أصنامهم، وكأنه يقول لهم: إن مقتضى عبادتكم لهؤلاء الأصنام أن تكون فيها حياة، ولها قدرة وإرادة تمارس بها سائر شئون الحياة، وإذا سلمتم بذلك فلا مجالَ بإنكار أن يقوم كبيرهم بتحطيم الآخرين، فإن كانت مجرد حجارة صماء لا حياة فيها فَلِمَ تعبدونها؟!!
وكذلك ذكروا من أهم الأغراض لذكر المسند: زيادة تقرير المعنى وتوضيحه، واستدلوا بذلك بقوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ خَلَقَهُنَّ الْعَزِيزُ الْعَلِيمُ﴾ (الزخرف: ٩) فإن المسند لو حُذِفَ لدل عليه السؤال، وقد جاء محذوفًا في آيات أخرى، كما في قوله تعالى: ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ فَأَنَّى يُؤْفَكُونَ﴾ (العنكبوت: ٦١) ﴿وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلِ الْحَمْدُ لِلَّهِ بَلْ أَكْثَرُهُمْ لَا يَعْلَمُونَ﴾ (لقمان: ٢٥) إلا أن المقصد من ذكره في آية الزخرف زيادة تقرير خلق الله السماوات والأرض، وكذلك قوله تعالى في أواخر سورة يس: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ * قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي