الْكَبِيرُ الْمُتَعَالِ} (الرعد: ٩) فإن قوله سبحانه: ﴿عَالِمُ الْغَيْبِ﴾ خبر مبتدأ محذوف تقديره: هو، ولكن لما كان الخبر لا يكون إلا له سبحانه، جاء الكلام على الحذف، وفي هذا الحذف إشارةٌ إلى الوحدانية والجلال.
وكذلك قوله تعالى: ﴿تُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَتُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ﴾ (آل عمران: ٢٧) فالمراد به الله -سبحانه وتعالى-.
كذلك في قول أتباع فرعون: ﴿فَقَالُوا سَاحِرٌ كَذَّابٌ﴾ (غافر: ٢٤) هذا الذي ذكروه معلوم أن الكلام عن موسى -عليه السلام- فلا حاجةَ لذكر المسند إليه.
كذلك في قوله -سبحانه وتعالى-: ﴿كَلَّا إِذَا بَلَغَتِ التَّرَاقِيَ * وَقِيلَ مَنْ رَاقٍ﴾ (القيامة: ٢٦، ٢٧) فإن الحديث عن ذِكْر الموتِ، ولا يبلغ التراقي عند الموت إلا النَّفْس أو الروح، فلذلك التقدير: إذا بلغت الروح التراقي.
وكذلك في قوله سبحانه: ﴿حَتَّى تَوَارَتْ بِالْحِجَابِ﴾ (ص: ٣٢) فالكلام فيها عن الشمس من سياق الآيات.
من الأشياء التي ذكروها أيضًا في حذف المسند إليه، ضيق الصدر عن إطالة الكلام، واستدلوا له بقوله تعالى: ﴿فَأَقْبَلَتِ امْرَأَتُهُ فِي صَرَّةٍ فَصَكَّتْ وَجْهَهَا وَقَالَتْ عَجُوزٌ عَقِيمٌ﴾ (الذاريات: ٢٩) فالتقدير: أنا عجوز عقيم، فحُذف المسند إليه؛ لأنها لَمَّا سمعت بشارة الملائكة لها بغلام، عجبت من أمرهم واستبعدت أن تلدَ بعد بلوغها حد الكِبر والعمر.
واستدلوا له ببيت من الشعر لطيف في قوله:
قال لي: كيف أنت؟ قلت عليل... سهر دائم وحزن طويل
أي: أنا عليل، وحالي سهر دائم وحزن طويل.