النقطة الأولى: هي أن النظم القرآني خارج عن المعهود من نظم كلامهم، فليس من الشعر ولا من النثر المرسل ولا المسجوع.
النقطة الثانية: هي أنه ليس للعرب كلام مشتمل على هذه الفصاحة على هذا القدر من الطول، وما نُسب من الفصيح لحكيمهم فكلمات معدودة، ولشاعرهم فقصائد محصورة.
النقطة الثالثة: أن نظم القرآن لا يتفاوت على ما يتصرف فيه، والوجوه من قصص ووعظ واحتجاج وحكم وأحكام ووعد ووعيد ووصف وتعليم وأخلاق كريمة وغير ذلك مما حواه القرآن، بينما كلام بلغائهم يختلف بحسب الأغراض؛ فمنهم من يجيد الوصف دون الغزل، ومن يحسن إذا رغب والآخر إذا طرب وغيرهما إذا ركب، فهم ليسوا على درجة سواء من الفصاحة في شتى الأغراض؛ يعني: يقصد ببساطة أن القرآن كله فصيح، وكله على أعلى درجات الفصاحة في شتى أغراضه؛ سواء كانت حكمًا أو مواعظ أو تشريعًا أو قصصًا أو غير ذلك، فكلها على درجة من الفصاحة، وكلها على أعلى درجات الفصاحة، بينما الشعراء والخطباء يجيدون تارة ويخفقون أخرى؛ فلذلك نقول ذلك يحسن إذا طرب؛ يعنى إذا تحدث في الشعر الذي يتعلق بالوصف وغير ذلك، والآخر إذا رغب؛ يعني إذا تحدث في المدح والآخر إذا ركب يعني إذا فاخر أو تحدث في وصف خيله وكذا، فكانوا يحسنون في مجالات دون الأخرى.
النقطة الرابعة: أن المعاني التي جاء بها القرآن اتسقت في أسلوب بديع يتعذر على البشر، وهي معاني مبتكرة غير متداولة؛ كالاحتجاج بالدين وبيان الشريعة والرد على الملحدين، فهذه المعاني الجديدة الأصل أن يكون فيها من الصعوبة ما ليس في غيرها من المعاني المتداولة، ومع ذلك كان القرآن يعرض هذه المعاني بنسق بديع لا يستطيع البشر أن ينسقوا على منواله مع المعاني المتداولة وليست المبتكرة التي جاء بها القرآن الكريم.


الصفحة التالية
Icon