يذكر، ومعنى الآية: ﴿أَفَمَنْ هُوَ قَائِمٌ عَلَى كُلِّ نَفْسٍ﴾: أفمن هو حافظها ورازقها وعالم بها وبما عملت من خير وشر، ويجازيها بما كسبت فيثيبها إن أحسنت ويعاقبها إن أساءت، وجوابه محذوف تقديره: كمن ليس بقائم بل هو عاجز عن نفسه، ومَن كان عاجزًا عن نفسه فهو عن غيره أعجز، وهي الأصنام التي لا تضر ولا تنفع، فَمَن هنا موصولة وصلتها: ﴿هُوَ قَائِمٌ﴾ والموصول مبتدأ خبره محذوف تقديره: كمن ليس كذلك من شركائهم التي لا تضر ولا تنفع.
فهنا سر بلاغي وراء هذا الحذف، مع الإيجاز والإشعار بازدراء المسند المحذوف والضم عليه بالذكر في مقابل المسند إليه.
وعكس ذلك ما ذكروه في قوله تعالى: ﴿أَفَمَنْ يَتَّقِي بِوَجْهِهِ سُوءَ الْعَذَابِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَقِيلَ لِلظَّالِمِينَ ذُوقُوا مَا كُنْتُمْ تَكْسِبُونَ﴾ (الزمر: ٢٤) فأيضًا مَن يتقي اسم موصول وقع مبتدأً، خبره محذوف تقديره: كمن أمِنَ العذاب أو كمن ينعم في الجنة، وسُوء العذاب هو شدته، الومعنى -كما يقول الزمخشري-: أن الإنسان إذا لقي شيئًا يخيفه استقبله بيده، وطلب أن يقي بها وجهه؛ لأنه أعز أعضائه عليه، والذي يلقى في النار يلقى مغلولةً يداه إلى عنقه، فلا يتهيأ له إلا أن يتقي النار إلا بوجهه الذي كان يتقي المخاوفَ بغيره؛ وقايةً له، ومحاماةً عليه. فالداعي البلاغي هنا هو الإشعار بتعظيم المحذوف، وأنه أكرم على الله من أن يُذكر في مقابل هذا الشقي.
وهذا الحذف -كما نعلم- قد يؤدي إلى بقاء الجملة على كلمة واحدة، كما في قوله تعالى: ﴿قَالَ آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ * قَالُوا لَا ضَيْرَ﴾ (الشعراء: ٤٩، ٥٠) فبعد هذا الوعيد الشديد أجابوه بقولهم: ﴿لَا ضَيْرَ﴾