أي: لا ضير علينا في قتلك، وحذفوا؛ ليبقى الجواب كلمة واحدة نافذة كالسهم تقضي على غروره وحُمقه، وتبين أنهم لا يخافون ولا يرهبون ما يقول.
هذا وغيره من الأشياء التي تلمَّسها أهلُ البلاغة في أغراض حذف المسند وعدم ذكره.
يبقى هنا مع حذف المسند والمسند إليه نقطتان:
- النقطة الأولى: تتعلق بالتردد بين الحذفين، بمعنى: أن من البلاغيين مَن يأتوا على مواضعَ معينة ويقولون: هنا يجوز أن يكون الحذف للمسند أو للمسند إليه. فمثلًا: ﴿فَصَبْرٌ جَمِيل﴾ (يوسف: ١٨) يقولون: حالي وأمري صبر جميل، أو صبر جميل عليَّ، أو عليَّ صبر جميل، على أساس أن المحذوف هنا هو الخبر وليس المبتدأ، فيتردد الحذفُ بين المبتدأ وبين الخبر. هذا ما يجيزه البلاغيون في هذا الباب، وكذلك النحاة. وبعضهم يدقق في هذه المسألة فيقول: إن التمحيص يبين أي شيء هو المحذوف؟ وعلى الحقيقة يرجح محذوفًا على غيره، فلا نسلم بمسألة الجواز في هذه المسألة.
وهذه المسألة صراحةً أبدع الجرجاني في ذكر مثال لها في كتابه (دلائل الإعجاز) عندما ذكر قول الله -سبحانه وتعالى-: ﴿يَا أَهْل الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ وَلَا تَقُولُوا عَلَى اللَّهِ إِلَّا الْحَقَّ إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللَّهِ وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ فَآمِنُوا بِاللَّهِ وَرُسُلِهِ وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ انْتَهُوا خَيْرًا لَكُمْ إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ﴾ (النساء: ١٧١) ففي قوله تعالى: ﴿وَلَا تَقُولُوا ثَلَاثَةٌ﴾ الكلام عن موقع: ﴿ثَلَاثَةٌ﴾ من الناحية الإعرابية، فهل: ﴿ثَلَاثَةٌ﴾ خبر لمبتدأ محذوف والتقدير: ولا تقولوا آلهتنا ثلاثة؟ فهنا يكون المحذوف هو المسند إليه. وهل