وهذا الذي ذكره عبد القاهر في تحليل الآية الكريمة.
وقد أسهبوا أيضًا في بيان هذه النقطة بأن من الحذف ما يخفَى، ومنه ما هو ظاهر، بمعنى: أنك إذا ما قلت مثلًا: أصغيتُ إليك، فواضح أن المفعول هنا هو كلمة أُذني، أصغيتُ أذني إليك، أما هناك من الحذف للمفعول ما يكون متبادرًا -واضحًا- إلى المتحدث، إلا أن حذفه كان وراءه سِر بلاغي أكثرَ من مجرد أن يكون حَذْفًا، وهذا ما نبه عليه الجرجاني وذكر له أمثلةً من أشعارهم ومن كلامهم، تدل على أن الحذف أتَى بوظيفة بلاغية أجملَ وأقوى من مجرد أنه يكون حذفًا لمفعول هو معلوم. من ذلك قول البحتري في مدحه المعتز بالله، وتعريضه بأخيه المستعين بالله. يعني: هو يمدح الخليفة ويعرِّض بأخيه الذي كان يزعم أنه له حق في الخلافة.
فيقول البحتري:
شَجْو حساده وغيظ عِداه | أن يرى مبصر ويسمع واع |