من الأشياء التي ذكروها أيضًا لحذف المفعول: دفع توهم السامع في أول الأمر إرادة غير المراد، وذكروا له قول الشاعر:

وكم ذُدت عني من تحامل حادث وسورة أيام حززنَ إلى العظم
فالتقدير: حززن اللحم إلى العظم، فحذف المفعول وتوصل إلى المتعلق بالفعل مباشرةً؛ لكي يؤكد مراده الذي يريده.
ولا نريد أن نقف كثيرًا عند الأبيات الشعرية.
ما ذكروه في القرآن الكريم من أغراض أضافوها لحذف المفعول:
فقالوا: من هذه الأغراض: قصد التعميم مع الاختصار، واستدلوا له بقوله تعالى: ﴿وَاللَّهُ يَدْعُو إِلَى دَارِ السَّلَامِ﴾ (يونس: ٢٥) أي: يدعو جميع المكلفين، فحذف المفعول في الآية الكريمة شمل جميعَ مَن كلَّفهم الله -سبحانه وتعالى- ودعاهم إلى جنته وإلى باب كرامته، فكان الحَذْف هنا لقصد التعميم.
ومن الأغراض التي ذكروها في حذف المفعول: الحذف لمراعاة الوزن في الشعرن ورعاية الفاصلة في القرآن الكريم، ويمثلون للشعر بقول المتنبي:
بناها فأعلى والقَنا يقرع القنا ومَوْج المنايا حولَها متلاطمُ
أي: بناها فأعلاها. أقر البلاغيون ذلك وذكروه في الشعر، ويُقبل منهم ذلك.
أما ما يتعلق بالقرآن الكريم؛ لأن حذف المفعول كان لأجل الفاصلة، فهذا ما يستحق أن يوقَف عنده. هم يستدلون بقوله تعالى: ﴿وَالضُّحَى * وَاللَّيْلِ إِذَا سَجَى * مَا وَدَّعَكَ رَبُّكَ وَمَا قَلَى﴾ (الضحى: ١ - ٣) أي: وما قلاك، فحذف ضمير المخاطب الواقع مفعولًا به؛ رعايةً للفاصلة في الآية التي قبلها والآية التي بعدها. وقال بعضهم: إن حذف المفعول هنا لأجل الاختصار اللفظي؛ لظهور


الصفحة التالية
Icon