الجواب كما في قوله سبحانه: ﴿وَإِذْ قَالَ اللَّهُ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ اتَّخِذُونِي وَأُمِّيَ إِلَهَيْنِ مِنْ دُونِ اللَّهِ قَالَ سُبْحَانَكَ مَا يَكُونُ لِي أَنْ أَقُولَ مَا لَيْسَ لِي بِحَقٍّ إِنْ كُنْتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ تَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِي وَلَا أَعْلَمُ مَا فِي نَفْسِكَ إِنَّكَ أَنْتَ عَلَّامُ الْغُيُوبِ * مَا قُلْتُ لَهُمْ إِلَّا مَا أَمَرْتَنِي بِهِ﴾ (المائدة: ١١٦، ١١٧).
رابعًا: من أساليب التوكيد استخدام لام التوكيد أو ما تسمى بلام الابتداء، فإذا ما دخلت إنَّ وانصرفت من اسمها إلى خبرها سميت باللام المزحلقة، وهذه اللام الذي يؤتَى بها للتوكيد، وذلك كقوله سبحانه: ﴿لَأَنْتُمْ أَشَدُّ رَهْبَةً فِي صُدُورِهِمْ مِنَ اللَّهِ﴾ (الحشر: ١٣) وقوله سبحانه: ﴿وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ﴾ (القلم: ٤) وقوله تعالى: ﴿إِنَّ عَلَيْنَا لَلْهُدَى * وَإِنَّ لَنَا لَلْآخِرَةَ وَالْأُولَى﴾ (الليل: ١٢، ١٣).
من ذلك: أنه إذا عبِّر عن أمر يعز وجوده أو فعل يكثر وقوعه، جِيء باللام تحقيقًا لذلك، فانظر إلى قوله تعالى: ﴿إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾ (المنافقون: ١) فانظر إلى هذه اللامات الثلاثة الواردة في خبر إنَّ، والأولى وردت في قول المنافقين، وإنما وردت مؤكدةً؛ لأنهم أظهروا من أنفسهم التصديق برسالة النبي -صلى الله عليه وسلم- وتملقوا له، وبالغوا في التملق وفي باطنهم خلافُه، وأما ما ورد في الثانية والثالثة فصحيح لا ريبَ فيه، واللام في الثانية لتصديق رسالته، وفي الثالثة لتكذيب المنافقين فيما كانوا يظهرونه من التصديق الذين هم على خلافه. وانظر أيضًا لقوله -سبحانه وتعالى: ﴿قَالُوا يَا أَبَانَا مَا لَكَ لَا تَأْمَنَّا عَلَى يُوسُفَ وَإِنَّا لَهُ لَنَاصِحُونَ * أَرْسِلْهُ مَعَنَا غَدًا يَرْتَعْ وَيَلْعَبْ وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ﴾ (يوسف: ١١، ١٢) فإنه إنما