بالزمان الذي بُعث فيه على قول بعض أهل التفسير عندما تعرضوا لقوله سبحانه: ﴿وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ﴾ (العصر: ١، ٢).
وكذلك إذا أقسم القرآن بمصنوعات الله -عز وجل- ومخلوقاته، كان في ذلك التأكيد على تنبيه المستمع إلى ما فيها من روعة تدفع إلى التفكير في خالقها: ﴿وَالشَّمْسِ وَضُحَاهَا * وَالْقَمَرِ إِذَا تَلَاهَا * وَالنَّهَارِ إِذَا جَلَّاهَا * وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا * وَالسَّمَاءِ وَمَا بَنَاهَا * وَالْأَرْضِ وَمَا طَحَاهَا * وَنَفْسٍ وَمَا سَوَّاهَا * فَأَلْهَمَهَا فُجُورَهَا وَتَقْوَاهَا * قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاهَا * وَقَدْ خَابَ مَنْ دَسَّاهَا﴾ (الشمس: ١ - ١٠) أَوَلَا ترى هذا القسم مثيرًا في النفس أقوى إحساسات الإعجاب بمدبر هذا الكون ومنظم شئونه هذا التنظيم المحكم الدقيق؟ أَوَليست هذه الشمس التي تبلغ أوج مجدها وجمالها عند الضحى، وهذا القمر يتلوها إذا غابت وكأنه يقوم مقامَها في حراسة الكون وإبهاجه، وهذا النهار يُبرز هذا الكوكب الوهاج، ثم لا يلبث الليل أن يمحو سَناه، وهذه السماء وقد أحكم خلقها، واتسقت في عين رائيها كالبناء المحكم الدقيق، وهذه الأرض وقد انبسطت في سعة، وهذه النفس الإنسانية العجيبة الخِلقة التي يتسرب إليها الهدى والضلال في دقة وخفاء، أليس في كل ذلك ما يبعث النفس إلى التفكير العميق في خالقها؟ وأن هذا الخالق لا يذكر هو وما خَلَقَ محاطًا بهذا الإجلال إلا في مقام الحق والصدق؟!
وهكذا استُخدِم القسم في القرآن الكريم كمظهر من مظاهر قدرة الله -سبحانه وتعالى- وعظمته، وصِدْق ما جاء به هذا الدين الذي نزل القرآن؛ لتثبيت أسسه وقواعده، فيقول الله -سبحانه وتعالى: ﴿إِنَّ إِلَهَكُمْ لَوَاحِدٌ﴾ (الصافات: ٤) ﴿إِنَّمَا تُوعَدُونَ لَصَادِقٌ﴾ (الذاريات: ٥)، ﴿إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ﴾ (الواقعة: ٧٧) ﴿مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى﴾ (النجم: ٢) كل ذلك في جواب ما بُدئت به هذه السور