ما أشجعَه، أو ما أشعرَه. ونظيره أيضًا قول الله -سبحانه وتعالى: ﴿أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى * ثُمَّ أَوْلَى لَكَ فَأَوْلَى﴾ (القيامة: ٣٤، ٣٥) فالغرض واحد هو بيان الهلاك، ومن أجل ذلك نقول: لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ لأن قولنا: لا إله إلا الله مثل قولنا: وحده لا شريك له، وهما في المعنى سواء، وإنما كُرِّر القول لتقرير المعنى وإثباته؛ وذاك لأن مِن الناس مَن يخالف في ذلك كالنصارى وغيرهم.
وانظر إلى قوله -سبحانه وتعالى: ﴿اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ * وَإِنْ كَانُوا مِنْ قَبْلِ أَنْ يُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ مِنْ قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ﴾ (الروم: ٤٨، ٤٩) فقوله: ﴿مِنْ قَبْلِهِ﴾ بعد قوله: ﴿مِنْ قَبْلِ﴾ فيه دلالة على أن عهدهم بالمطر قد بَعُدَ وتطاول، فاستحكم بأسهم، وتنادى إبلاسهم، فكان الاستبشار على قدر اغتمامهم بذلك. وانظر أيضًا قوله تعالى: ﴿قَاتِلُوا الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَلَا يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ﴾ (التوبة: ٢٩) فقوله: ﴿لَا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَلَا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ﴾ يقوم مقام قوله: ﴿وَلَا يَدِينُونَ دِينَ الْحَقِّ﴾؛ لأن مَن لا يؤمن بالله ولا باليوم الآخر لا يدين دين الحق، وإنما كرر ها هنا؛ للخطب على المأمور بقتالهم، والتسجيل عليهم بالذم، ورجْمِهم بالعظائم؛ ليكون ذلك أدعى لوجوب قتالهم وحربهم.
وانظر قوله تعالى: ﴿وَإِنْ تَعْجَبْ فَعَجَبٌ قَوْلُهُمْ أَئِذَا كُنَّا تُرَابًا أَئِنَّا لَفِي خَلْقٍ جَدِيدٍ أُولَئِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِرَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ الْأَغْلَالُ فِي أَعْنَاقِهِمْ وَأُولَئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ﴾ (الرعد: ٥) فتكرير لفظة: ﴿أُولَئِكَ﴾ مِن هذا الباب الذي أشرنا إليه لمكان شدة النكير، وإغلاظ العقاب؛ بسبب إنكارهم البعث.