المختلفة في الصغر والترعرع والبلوغ، فيسلم على ذلك من التكرار ويتضمن هذا المعنى اللطيف الذي دل عليه ترتيب الصفات، وقوله: ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ﴾ فالمراد بالناس الأول الأبرار، وبالناس الثاني الأشرار، فكان المعنى: الذي يوسوس في صدور الأخيار من الجن وأشرار الناس، فقد صار المعنى بكل واحد على صفة غير الصفة المعنية بالآخر، فكأنه غيره وإن كان الجنس قد جمع هذا كله".
هذا ما اجتهد الخطيب الإسكافي في بيانه في تكرار الاسم في ختام هذه السورة، وهو كلام يقبل؛ لأنه تأمل لكلام الله سبحانه وتعالى، وبالصفات التي أضافها المولى سبحانه وتعالى إلى اللفظ المكرر من أنه سبحانه وتعالى الرب والملك والإله، وكذلك ما ختم في نهاية السورة ﴿الَّذِي يُوَسْوِسُ فِي صُدُورِ النَّاسِ * مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ﴾ فكلمة ﴿النَّاسِ﴾ الأولى تختلف عن الثانية، ومن ثم لم يكن ذلك من سبيل التكرار لتغير المعنى المراد بكل في المواضع التي ذكرت فيها لفظة ﴿النَّاسِ﴾. نجد أيضًا نموذجًا رائعًا تحدث فيه عن تكرار الآية في سورة الرحمن في قول الله سبحانه وتعالى: ﴿فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ﴾ (الرحمن: ١٣) هذه الآية كررت إحدى وثلاثين مرة في السورة الكريمة شغلت أهل الفصاحة والبلاغة وتحدثوا عنها وبينوا أسرارها.
وهذا اجتهاد واحد منهم يقول: للسائل أن يسأل عن تكرار هذه الآية، وعن فائدتها والجواب أن يقال: نبه الله تعالى على ما خلق من نعم الدنيا المختلفة في سبع منها، وأفرد سبعًا للترهيب والإنذار والتخويف بالنار، وفصل بين السبع الأولى والسبع الأخر بواحدة تلت آية سوَّى فيها بين الناس كلهم، فيما كتب الله من الفناء عليهم حيث يقول: ﴿كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ﴾ (الرحمن: ٢٦)، أي


الصفحة التالية
Icon