من على الأرض، وهذه الفاصلة للتسوية بين الملائكة والإنس والجن في الافتقار إلى الله -سبحانه وتعالى- وإلى المسألة وإلى الإشفاق من خشية الله وهو قوله: ﴿يَسْأَلُهُ مَنْ فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ﴾ (الرحمن: ٢٩).
وإنما كانت الأول سبعا؛ لأن أمهات النعم خلقها الله تعالى سبعا سبعا كالسموات والأرضين، ومعظم الكواكب وكانت الثانية سبعا؛ لأنها على قسمة أبواب جهنم لما كانت في ذكرها، وبعد هذه السبع ثمانية في وصف الجنات وأهلها على قسمة أبوابها، وثمانية أخرى بعدها للجنتين اللتين هما دون الجنتين الأوليين؛ لأنه قال تعالى في مفتتحه الثمانية المتقدمة: ﴿وَلِمَنْ خَافَ مَقَامَ رَبِّهِ جَنَّتَانِ﴾ (الرحمن: ٤٦)، فلما استكملت هذه الآية ثماني مرات قال: ﴿وَمِنْ دُونِهِمَا جَنَّتَانِ﴾ (الرحمن: ٦٢)، فمضت ثمانية في وصف الجنان وأهلها تالية للثمانية المتقدمة، فكان الجميع إحدى وثلاثين مرة.
كذلك أيضًا يعرض أحدهم لتكرار الحرف في قوله سبحانه وتعالى: ﴿فَأَصْبَحَ فِي الْمَدِينَةِ خَائِفًا يَتَرَقَّبُ فَإِذَا الَّذِي اسْتَنْصَرَهُ بِالْأَمْسِ يَسْتَصْرِخُهُ قَالَ لَهُ مُوسَى إِنَّكَ لَغَوِيٌّ مُبِينٌ * فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ بِالَّذِي هُوَ عَدُوٌّ لَهُمَا قَالَ يَا مُوسَى أَتُرِيدُ أَنْ تَقْتُلَنِي كَمَا قَتَلْتَ نَفْسًا بِالْأَمْسِ﴾ (القصص: ١٨، ١٩)، فقوله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ﴾ بتكرير أن مرتين دليل على أن موسى -عليه السلام- لم تكن مسارعته إلى قتل الثاني كما كانت مسارعته إلى قتل الأول بل كان منه إبطاء في بسط يده إليه فعبر القرآن عن ذلك في قوله تعالى: ﴿فَلَمَّا أَنْ أَرَادَ أَنْ يَبْطِشَ﴾.
ومن الجميل أن نعرض نموذجًا لهذه الفروق التي ذكرت في القصص القرآني والنماذج كثيرة جدًا في هذا الكتاب القيم. ومن القصص التي شغلت مواضع عديدة في كتاب الله سبحانه وتعالى قصة موسى -عليه السلام- مع فرعون عليه سحائب اللعائن.