يعرض الإسكافي لبعض هذه المواضع في عرضه لآيات سورة الأعراف موازنة بغيرها من السور التي تعرضت للقصة نفسها، فيقول: "قوله تعالى: ﴿وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ﴾ (الأعراف: ١١٣)، وقال: ﴿فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ قَالُوا لِفِرْعَوْنَ أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ﴾ (الشعراء: ٤١)، للسائل أن يسأل فيقول: كيف اختلفت الآيتان، وكيف جاز: ﴿وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ﴾ وحق الكلام أن يكون في ﴿قَالُوا﴾ واو أو فاء نحو: جاء السحرة فرعون فقالوا: أئن لنا لأجرًا أو وقالوا: أئن لنا لأجرا.
والجواب أن يقال: لما تقدم في سورة الشعراء ما شرحه أكثر، وما في سورة الأعراف أوجز وأخصر كان قوله في الأعراف: ﴿وَجَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ﴾ بمعنى ما كان بإزائه في سورة الشعراء ﴿فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ﴾ فلم يحتج في جواب لما إلى فاء، ولا إلى واو، وكذلك هنا في سورة الأعراف لما قصد هذا المعنى دل بحذف العاطف على هذا القصد، فكأنه قال: فَلَمَّا جَاءَ السَّحَرَةُ فِرْعَوْنَ قَالُوا: أَئِنَّ لَنَا لَأَجْرًا ". طبعا هو يشير لما تقدم في سورة الشعراء إشارة إلى نزول الآيات، فالشعراء نزلت قبل الأعراف، لا على ترتيب السور المعلوم لدينا الآن.
ثم يعرض لقوله سبحانه وتعالى: ﴿قَالُوا إِنَّ لَنَا لَأَجْرًا إِنْ كُنَّا نَحْنُ الْغَالِبِينَ * قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ (الأعراف: ١١٣، ١١٤)، وفي الشعراء ﴿قَالَ نَعَمْ وَإِنَّكُمْ إِذًا لَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ﴾ (الشعراء: ٤٢)، للسائل أن يسأل عن زيادة ﴿إِذًا﴾ في سورة الشعراء، وخلو سورة الأعراف منها، والجواب أن معنى قوله: ﴿إِذًا﴾ جواب وجزاء، وكان من قول فرعون لهم: إن غلبتم فجزائي أن أجازيكم بإعلاء رتبتكم وتقريب منزلتكم، فلأجل ذلك أفعل هذا بكم،


الصفحة التالية
Icon