فاختصت سورة الشعراء بها دون غيرها؛ لأنها موضع بني على فصل اختصاص لما جرى لما يُبن غيرها عليه من نحو ما تقدم وما يجيء بعد.
ثم يعرض لقوله سبحانه وتعالى: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ﴾ (الأعراف: ١١٥)، وقوله سبحانه: ﴿قَالُوا يَا مُوسَى إِمَّا أَنْ تُلْقِيَ وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى﴾ (طه: ٦٥)، يقول: "للسائل أن يسأل عن اختلاف المحكي في الموضعين مع أن ذلك في شيء واحد، والجواب أن يقال: إن المقصود معنى واحد فاختير في سورة الأعراف ﴿وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ نَحْنُ الْمُلْقِينَ﴾ لأن الفواصل قبله على هذا الوزان واختير في سورة طه ﴿وَإِمَّا أَنْ نَكُونَ أَوَّلَ مَنْ أَلْقَى﴾ لذلك ومثله قوله تعالى: ﴿وَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سَاجِدِينَ﴾ (الأعراف: ١٢٠) في سورة الأعراف وسورة الشعراء لتكون الفاصلة فيها مساوية للفواصل قبلها، وبإزاء ساجدين قوله: ﴿فَأُلْقِيَ السَّحَرَةُ سُجَّدًا﴾ (طه: ٧٠) في سورة طه لذلك ومثله قوله تعالى: ﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ * رَبِّ مُوسَى وَهَارُونَ﴾ (الشعراء: ٤٧، ٤٨)، في السورتين للفواصل التي حملت هذه عليها، وقال في سورة طه: ﴿قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى﴾ (طه: ٧٠)، فقدم هارون؛ ليكون موسى فاصلة مثل الفواصل المتقدمة فهذا ونحوه مما يراعى في الفواصل.
ألا ترى إلى قوله تعالى: ﴿وَأَطَعْنَا الرَّسُولَ﴾ (الأحزاب: ٦٦)، وقوله سبحانه: ﴿فَأَضَلُّونَا السَّبِيلَ﴾ (الأحزاب: ٦٧)، فزيدت الألف لا للبدل من التنوين إذ لا تنوين مع الألف واللام، وإنما ذلك للتوفقة بينهما وبين الفواصل التي قبلها وبعدها نحو: ﴿تَقْتِيلًا﴾ ﴿تَبْدِيلًا﴾ ﴿سَعِيرًا﴾ ﴿نَصِيرًا﴾، وبعدهما ﴿كَبِيرًا﴾ ﴿وَجِيهًا﴾ ﴿سَدِيدًا﴾ ﴿عَظِيمًا﴾ ". وهذا الكلام الذي ذكره مبني على ظاهرة مراعاة الفواصل، ولابد أن نجد في كلام أهل العلم من يرى