أما عن الفرق بين ﴿آمَنْتُمْ بِهِ﴾ و ﴿آمَنْتُمْ لَهُ﴾ فيقول: "إن الهاء في ﴿آمَنْتُمْ بِهِ﴾ غير الهاء في ﴿آمَنْتُمْ لَهُ﴾ وكل واحدة تعود إلى غير ما تعود إليه الأخرى، فالتي في ﴿آمَنْتُمْ بِهِ﴾ تعود إلى رب العالمين؛ لأنه تعالى حكى عنهم أنهم قالوا: ﴿آمَنَّا بِرَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ (الأعراف: ١٢١)، وهو الذي دعا إليه موسى -عليه السلام، وأما الهاء في قوله: ﴿آمَنْتُمْ لَهُ﴾ تعود إلى موسى -عليه السلام، والدليل على ذلك أنه جاء في السورتين بعدها ﴿إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ﴾ (طه: ٧١)، فالهاء في ﴿إِنَّهُ﴾ هي التي في ﴿آمَنْتُمْ لَهُ﴾ فلا خلاف أن هذه لموسى -عليه السلام، والذي جاء بعد قوله: ﴿آمَنْتُمْ بِهِ﴾ قوله: ﴿إِنَّ هَذَا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ﴾ (الأعراف: ١٢٣)، أي: إظهاركم ما أظهرتم من الإيمان برب العالمين وقع على تواطؤ منكم أخفيتموه لتستولوا على العباد والبلاد، ويجوز أن يكون الهاء في ﴿آمَنْتُمْ بِهِ﴾ ضمير موسى -عليه السلام؛ لأنه يقال: آمن بالرسول أي: أظهرتم تصديقه، وأقدمتم على خلافي قبل أن آذنت لكم فيه، وهذا مكر مكرتموه، وسر أسررتموه؛ لتقلبوا الناس علي فاقتضى هذا الموضع الذي ذكر فيه المكر إنكار الإيمان به".
ثم يستطرد لاختصاص اللام في موضع والباء في موضع، وإلى غير ذلك مما تعرض له في استتباع السورة من المواضع التالية له كالفرق بين ﴿إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ﴾ (طه: ٧١) ﴿إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَسَوْفَ تَعْلَمُونَ لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ﴾ (الشعراء: ٤٩)، ونحو ﴿ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ﴾ (الأعراف: ١٢٤)، وفي موضع آخر ﴿وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ﴾ (الشعراء: ٤٩)، ونحو ﴿قَالُوا إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ﴾ (الأعراف: ١٢٥)، وقوله سبحانه: ﴿قَالُوا لَا ضَيْرَ إِنَّا إِلَى رَبِّنَا مُنْقَلِبُونَ﴾ (الشعراء: ٥٠)، فهذا وغيره من اللطائف التي تنبه