أما الدكتور السامرائي يشير إلى الفرق بين استخدام الفعلين يقول: "وذلك في السد الذي صنعه ذو القرنين من زبر الحديد والنحاس المذاب، وقد ذكرنا أن الصعود على هذا السد أيسر من إحداث نقب فيه لمرور الجيش، فحذف من الحدث الخفيف فقال: ﴿فَمَا اسْطَاعُوا أَنْ يَظْهَرُوهُ﴾ بخلاف الفعل الشاق الطويل فإنه لم يحذف بل أعطاه أطول صيغة له فقال: ﴿وَمَا اسْتَطَاعُوا لَهُ نَقْبًا﴾ فخفف بالحذف من الفعل الخفيف بخلاف الفعل الشاق الطويل، ثم إنه لما كان الصعود على السد يتطلب زمنًا أقصر من إحداث النقب فيه حذف من الفعل، وقصر منه ليجانس النطق الزمن الذي يتطلبه كل حدث".
هذه لطيفة أشار إليها الشيخ -حفظه الله- وكذلك أيضًا أشار إلى الفرق بين تنزل وتتنزل، فالصرفيون في نحو ذلك القاعدة عندهم معروفة أنه إذا اجتمعت تاءان في أول المضارع جاز التخفف من أحدهما تعاونوا، وتتعاونوا ﴿وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ﴾ (المائدة: ٢)، فتعاونوا الأولى فعل أمر، ﴿وَلَا تَعَاوَنُوا﴾ الثانية فعل مضارع وأصله ولا تتعاونوا ﴿تَلَظَّى﴾ (الليل: ١٤) أصلها تتلظى، وهكذا فالمسألة عندهم واضحة في أنه يجوز حذف إحدى التائين تخفيفًا إذا اجتمعا في أول المضارع لكن ننظر إلى قوله سبحانه وتعالى: ﴿تَنَزَّلُ الْمَلَائِكَةُ وَالرُّوحُ فِيهَا بِإِذْنِ رَبِّهِمْ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ﴾ (القدر: ٤)، وقوله سبحانه: ﴿هَلْ أُنَبِّئُكُمْ عَلَى مَنْ تَنَزَّلُ الشَّيَاطِينُ * تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ وَأَكْثَرُهُمْ كَاذِبُونَ﴾ (الشعراء: ٢٢١ - ٢٢٣)، هاتان الآيتان وردت فيها الصيغة بحذف التاء تخفيفًا.
أما في سورة فصلت يقول المولى سبحانه وتعالى: {إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلَائِكَةُ أَلَّا تَخَافُوا وَلَا تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنْتُمْ