تُوعَدُونَ} (فصلت: ٣٠)، فقال في آيتي القدر والشعراء: ﴿تَنَزَّلُ﴾، بحذف إحدى التاءين، وقال في فصلت: ﴿تَتَنَزَّلُ﴾، من دون حذف، وذلك والله أعلم أن التنزل في آية فصلت أكثر مما في الآيتين الأخريين ذلك أن المقصود بها أن الملائكة تنزل على المؤمنين عند الموت؛ لتبشرهم بالجنة، وهذا يحدث على مدار السنة في كل لحظة، ففي كل لحظة يموت مؤمن مستقيم، فتتنزل لتبشره بالجنة فأعطى الفعل كل صيغته، ولم يحذف منه شيئًا، وأما آية الشعراء، فإن التنزل فيها أقل؛ لأن الشياطين لا تتنزل على كل الكفرة، وإنما تنزل على الكهنة أو على قسم منهم، وهم الموصوفون بقوله: ﴿تَنَزَّلُ عَلَى كُلِّ أَفَّاكٍ أَثِيمٍ * يُلْقُونَ السَّمْعَ﴾ ولا شك أن هؤلاء ليسوا كثيرا في الناس، وهم ليسوا بكثرة الأولين ولا شطرهم بل هم قلة فاقتطع من الحدث فقال: ﴿تَنَزَّلُ﴾ بحذف إحدى التاءين، وكذلك ما في آية سورة القدر، فإن تنزل الملائكة إنما هو في ليلة واحدة في العام وهي ليلة القدر، فهو أقل من التنزل الذي يحدث باستمرار على من يحضره الموت فاقتطع من الحدث.
فأنت ترى أنه اقتطع من الفعل إحدى التاءين في آيتي الشعراء والقدر لأن التنزل أقل ولم يحدث من آية فصلت؛ لأنه أكثر والله أعلم. هذه لطيفة أشار إليها الشيخ في هذه الظاهرة، كذلك نأتي لصيغة فعَّل وأفعل، عند الصرفيين الأمر سيان الزيادة في المبنى تدل على زيادة في المعنى، وكلا الفعلين ينتميان لفصيلة واحدة وهي فصيلة الثلاثي المزيد بحرف، ولكن الفرق أن الأول مزيد بالهمزة؛ فلذا هو على وزن أفعل والثاني مزيد بالتضعيف، فلذا هو على وزن فعَّل هذا دور الصرفيين.
أما أهل التذوق والبلاغة ينظرون في الاستخدام متى يستخدم أفعل ومتى يستخدم فعَّل مع أنهما من فصيلة واحدة، يقول الشيخ: "من الاستعمال القرآني