لفعَّل وأفعل نحو: كرَّم وأكرم، فإنه يستعمل كرم لما هو أبلغ وأدوم فمن ذلك قوله تعالى: ﴿وَلَقَدْ كَرَّمْنَا بَنِي آدَمَ﴾ (الإسراء: ٧٠)، وهذا تكريم لبني آدم على وجه العموم والدوام، وقوله سبحانه على لسان إبليس: ﴿قَالَ أَرَأَيْتَكَ هَذَا الَّذِي كَرَّمْتَ عَلَيَّ﴾ (الإسراء: ٦٢)، أي: فضلته علي، في حين قال سبحانه: ﴿كَلَّا بَل لَا تُكْرِمُونَ الْيَتِيمَ﴾ (الفجر: ١٧)، وقال: ﴿فَأَمَّا الْإِنْسَانُ إِذَا مَا ابْتَلَاهُ رَبُّهُ فَأَكْرَمَهُ وَنَعَّمَهُ فَيَقُولُ رَبِّي أَكْرَمَنِ﴾ (الفجر: ١٥)، وهو يقصد إكرامه بالمال، فاستعمل التكريم لما هو أبلغ وأدوم وأعم.
وكاستعمال أوصى ووصى، فهو يستعمل وصى لما هو أهم لما فيه من المبالغة، فالقرآن يستعمل وصَّى للأمور المعنوية، ولأمور الدين ويستعمل أوصى للأمور المادية، وذلك نحو قوله تعالى: ﴿وَوَصَّيْنَا الْإِنْسَانَ بِوَالِدَيْهِ﴾ (العنكبوت: ٨)، ﴿وَوَصَّى بِهَا إِبْرَاهِيمُ بَنِيهِ وَيَعْقُوبُ﴾ (البقرة: ١٣٢)، ﴿ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ﴾ (الأنعام: ١٥١) في حين قال: ﴿يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلَادِكُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ﴾ (النساء: ١١) ولم يستعمل أوصى في الأمور المعنوية وأمور الدين إلا في قوله تعالى: ﴿وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا﴾ (مريم: ٣١)، وذلك لاقتران الصلاة بالزكاة". كما ذكرت أن هذه اجتهادات اجتهد فيما ذكرت من نماذج في مسألة الصرف الدكتور السامرائي في استكشاف الفروق بين استخدام الصيغ مع اتحاد الكلام فيها عند الصرفيين، وليس الدكتور السامرائي بدعًا في هذه المسألة، فهذا أشار إليه العلماء سابقًا، وحاولوا بيان ذلك وهذه نماذج أو عبارات ذكرها الزركشي في كتابه حول هذه المسألة، وهي الزيادة في بنية الكلمة.
يقول: "واعلم أن اللفظ إذا كان على وزن من الأوزان ثم نقل إلى وزن آخر أعلى منه فلابد أن يتضمن من المعنى أكثر مما تضمنه أولًا؛ لأن الألفاظ أدلة على