الحرف واضحة جلية؛ أما الواو فإنها لما كانت لمُطلق الجمع لا تَصِلُ جُملة بأخرى؛ إلّا إذا كان المعنى في إحدى الجملتين متصلًا بمعنى الجملة الأخرى ومرتبطًا به. فالخُلاصة: أنّ الفصل والوصل هو العطف وترك العطف، ومَن أسس هذه النظرية كنظرية لها مبادئ وأصول، هو الجرجاني ولكنه التزم بالأساس النحوي لدراسة الفصل والوصل، فبناها على قواعد النحو ولم يغفل أن الأمر ليس مجرد عطف جملة على جملة، وإنما هو وصل معنى بمعنى لاعتبارات جمالية؛ ففصل معنى عن آخر، ووصل معنى بآخر يحتاج إلى أقوام ذوي ذوق.
وأشير فقط إلى ما نبه عليه أستاذنا الدكتور لاشين من بداية هذه الظاهرة، بهذا الفهم الذي فهمه الجرجاني في كتاب (معاني القرآن) للفراء وعرضه نماذج من ذلك في كتاب الفراء. فعند حديث الفراء عن قوله تعالى: ﴿وَإِذْ قَالَ مُوسَى لِقَوْمِهِ اذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ أَنْجَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ وَيُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ﴾ (إبراهيم: ٦)، وقوله تعالى: ﴿وَإِذْ نَجَّيْنَاكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذَابِ يُذَبِّحُونَ أَبْنَاءَكُمْ﴾ (البقرة: ٤٩) والفرق بين ذكر الواو ﴿وَيُذَبِّحُونَ﴾ وتركها ﴿يُذَبِّحُونَ﴾. يقول الفراء موضحًا الفرق بين الأسلوبين: "فمعنى الواو أنه يمسهم العذاب غير التذبيح، كأنه قال: يعذبونكم بغير الذبح وبالذبح. ومعنى طرح الواو كأنه تفسير لصفات العذاب، وإذا كان الخبر من العذاب أو الثواب مجملًا في كلمة، ثم فسرته فاجعله بغير الواو، وإذا كان أوله غير آخره فالبواو".
هذا النص من كلام الفراء يوضح الفرق بين استخدام الواو، وعدم استخدامها، وهو ما انتهى إليه العلماء في بيان الفصل والوصل، ويقول أيضًا في قوله تعالى: {وَمَنْ