النبي -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم، وهم لهم إدراك بها ويستطيعون أن يجادلوه فيها، وأن يحدثوه في أمرها؛ لذلك كلامنا عن الغيبيات الماضية من أحداث وقعت، والغيبيات المستقبلة من أحداث ستقع.
هذا معنى الكلام عن الغيبيات:
أولا إخبار القرآن عن الغيبيات الماضية: يقول شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-: من دلالات القرآن على أخبار الأمم السالفة وأحوالهم مع أنبيائهم وصالحيهم قصة أهل الكهف. يقول: والأمر على ما ذكر السلف، فإن قصة أصحاب الكهف هي من آيات الله، فإن مكثهم نيامًا لا يموتون ثلاثمائة سنة آية دالة على قدرة الله ومشيئته؛ أنه يخلق ما يشاء، فليس كما يقوله أهل الإلحاد، وهي آية على معاد الأبدان، كما قال تعالى: ﴿وَكَذَلِكَ أَعْثَرْنَا عَلَيْهِمْ لِيَعْلَمُوا أَنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ وَأَنَّ السَّاعَةَ لَا رَيْبَ فِيهَا﴾ (الكهف: ٢١). وكان الناس قد يتنازعون في زمانهم: هل تعاد الأرواح دون الأبدان أم الأرواح والأبدان؟ فجعل الله أمرهم آية لمعاد الأبدان.
هذا مثال ذكره شيخ الإسلام لما أخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عنه من الغيبيات الماضية، وتساعد أيضًا قضية الإيمان، ذكر أيضا إخبار النبي -صلى الله عليه وسلم- بقصتهم من غير أن يعلمه بشر، فذلك دليل على نبوته، فكانت قصتهم آية على أصول الإيمان الثلاثة؛ الإيمان بالله واليوم الآخر والإيمان برسوله -صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم.
ومن هذا المبدأ آيات الله -سبحانه وتعالى- في هذه السورة، في حد ذاتها سورة الكهف قصص آخر ذكره النبي -صلى الله عليه وسلم-: ﴿وَيَسْأَلُونَكَ عَن ذِي الْقَرْنَيْنِ قُلْ سَأَتْلُو عَلَيْكُم مِّنْهُ ذِكْرًا﴾ فأخبر النبي -صلى الله عليه وسلم- عن قصة ذي القرنين، وكذلك في سورة يوسف كلها أشياء