ومما ورد في القرآن من مجيء الجملة الحالية مصدرة بـ"قد" وغير مقترنة بالواو قوله سبحانه وتعالى: ﴿خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا﴾ (الطلاق: ١١) فجملة: ﴿قَدْ أَحْسَنَ اللَّهُ لَهُ رِزْقًا﴾ جملة حالية، ولم تقترن بالواو، وصدرت بـ"قد".
أما مجيء الجملة التي فعلها ماض من غير "قد"وكما يقول الجرجاني مع قد مظهرة أو مقدرة؛ فإنهم يقدرون وجود "قد" في هذه الجمل فهي مواضع عديدة في كتاب الله سبحانه وتعالى، وجرت عادتهم أن يُقدروا فيها "قد" قبل الفعل، مثال قوله تعالى: ﴿كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ﴾ يقدرون "وقد كنتم أمواتًا".
﴿قَالُواْ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَأُشْرِبُواْ فِي قُلُوبِهِمُ الْعِجْلَ بِكُفْرِهِمْ﴾ (البقرة: ٩٣) أي: وقد أشربوا في قلوبهم العجل ﴿وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ﴾ (البقرة: ٦٣) ﴿إِذْ تَبَرَّأَ الَّذِينَ اتُّبِعُواْ مِنَ الَّذِينَ اتَّبَعُواْ وَرَأَوُاْ الْعَذَابَ وَتَقَطَّعَتْ بِهِمُ الأَسْبَاب﴾ (البقرة: ١٦٦) أي: و"قد رأوا العذاب" و"قد تقطعت بهم الأسباب". ﴿لَهُ فِيهَا مِن كُلِّ الثَّمَرَاتِ وَأَصَابَهُ الْكِبَرُ﴾ (البقرة: ٢٦٦) أي: وقد أصابه الكبر. وعلى ذلك ما ورد في كتاب الله -سبحانه وتعالى- يُقدرون مع الماضي "قد".
وانتقل الجرجاني بعد هذه الأحكام حول الجملة الاسمية والفعلية إلى ذكر المواضع التي يلطف فيها الاستغناء عن الواو، وذكر في ذلك ثلاثة مواضع:
أول هذه المواضع: أن تصدر الحالية بـ"ليس" أي: تكون جملة اسمية منسوخة بليس التي هي من أخوات كان، ومثال ذلك قوله تعالى: ﴿إِنِ امْرُؤٌ هَلَكَ لَيْسَ لَهُ وَلَدٌ﴾ (النساء: ١٧٦) فجملة "ليس له ولد" حال من الضمير في "هلك" غير مقترنة بالواو، وكذلك قوله سبحانه: {وَأَنذِرْ بِهِ الَّذِينَ يَخَافُونَ أَن يُحْشَرُواْ إِلَى رَبِّهِمْ


الصفحة التالية
Icon