تستطيع أن تبدل في الأشعار وأن تضع كلمات موزونة تفي بالوزن العروضي وتفي بالمعنى المراد، وتستطيع كذلك في كلام الخطباء أن تأتي بكلمة مكان كلمة، وربما يأتي النقاد ويقولون لو قال الشاعر كذا مكان كذا لكان أولى والحديث المشهور والقصة المشهورة بين الخنساء وحسان بن ثابت -رضي الله عنهما- في بيته المشهور:

لنا الجفنات الغر يلمعن في الضحى وأسيافنا تسيل من نجدة دما
فهذا البيت سنتعرض له في قضية النظم تفصيلا، أما هذه المسألة في إجمالها في مسألة النظم؛ أي الحرف الواحد من القرآن معجز في موضعه؛ لأنه يمسك الكلمة التي هو فيها، ليمسك بها الآية والآيات الكثيرة، هذا هو السر في إعجاز جملته إعجازا أبديّا، فهو أمر فوق الطبيعة الإنسانية.
هذا المعنى الذي ذكره شيخنا الرافعي -رحمه الله- أشار إليه شيخ الإسلام ابن تيمية قبله فقال -وليس شيخ الإسلام هو من تكلم عن قضية النظم في أولها وإنما الكتاب المشهور (دلائل الإعجاز) لعبد القاهر الجرجاني وهو قائم على نظرية النظم وسيتضح ذلك بعد ذلك إن شاء الله سبحانه وتعالى.
يقول الإمام ابن تيمية نفس نظم القرآن وأسلوبه عجيب بديع، ليس من جنس أساليب الكلام المعروفة ولم يأتي أحد بنظير هذا الأسلوب فإنه ليس من جنس الشعر ولا الرجز ولا الرسائل ولا الخطابة، ولا نظمه ن ظم شيء من كلام الناس عربهم وعجمهم، ونفس فصاحة القرآن وبلاغته هذا عجيب خارق للعادة، ليس له نظير في كلام جميع الخلق، وبسط هذا تفصيله طويل يعني يعرفه من له نظر وتدبر.
فأتى الإمام وأشار هنا إلى قضية النظم جملة بأنها ليست على طريقة كلام العرب، فأتى بمعنى جديد يعني غير ما ذكره الإمام شيخنا الرافعي، أتي بمعنى جديد


الصفحة التالية
Icon