نجد قول الله -سبحانه وتعالى-: ﴿وَلَبِثُوا فِي كَهْفِهِمْ ثَلَاثَ مِائَةٍ سِنِينَ وَازْدَادُوا تِسْعً﴾ (الكهف: ٢٥)، وهذه السنون التسع هي الفرق ما بين عدد السنين الشمسية والقمرية، قال ذلك الزجاج -رحمه الله- فيعني بتكميل الكسر يعني هذه الفروق تسع سنوات تفصل بين السنوات الشمسية والسنوات القمرية التي يعرفها العرب في حساباتهم، فانظر رحمك الله إلى هذا الحساب الدقيق في أمة أمية لا تكتب ولا تحسب، فهذا ما يتعلق بالإعجاز العددي، وما عدا ذلك مما ذُكر فهي اجتهادات كما تنبه إليها الفيروزآبادي في (لطائف ذوي التمييز) في استخدام الأعداد أربعة وأربعين وسبع وسبعين وهذه الأشياء مما يتعلق بما سموه أو بما أطلق عليه الإعجاز العددي.
مسألة التصوير
والآن ننتقل إلى النقطة الرئيسة في درسنا وهي "مسألة التصوير":
هذه مسألة عظيمة تستحق أن نقف عندها، وهي جديرة بأن تكون موضع درس بمفردها، وهي مسألة التصوير في القرآن الكريم، أصل هذه المسألة يتعلق بما تحدث فيه البلاغيون في قضية "الحقيقة والمجاز".
اللفظ في كلام العرب وفي لغة العرب إما أن يُحمل على حقيقته أو أن يُحمل على المجاز، يتعلق هذا الأمر ابتداءً بقضية الحقيقة والمجاز، فاللفظ يُحمل على الحقيقة ويُحمل على المجاز؛ فالمجاز هو خلاف الحقيقة، بمعنى: أننا لو قلنا: رأيت رجلًا فهذه حقيقة، ولو قلنا: رأيت أسدًا فهذا مجاز، لأنني لا أريد به الأسد المعروف لدى الناس، ولكنني أريد به أن أصف رجلًا بصفات الأسد من الشجاعة وغيرها، كما يُقال عن الطيارين مثلًا بأنهم نسور الجو، وهذه العبارات التي تُستخدم في كلامنا.