وباب الحقيقة والمجاز باب واسع في كتاب الله -سبحانه وتعالى، والكلام فيه تطرق إليه العلماء ما بين مثبت وما بين معارض، ولكن هذه المسألة لا نريد أيضًا أن نخوض في تفاصيل الحديث عن مسألة الحقيقة والمجاز، ولكننا ننتقل منها لمسألة هي من أروع المسائل التي تتعلق بهذا الباب وهو موضوع "التصوير في القرآن الكريم".
التصوير يأتي من كلمة صورة، أي أن عبارات القرآن ترسم لك -أيها السامع- صورة تراها بعينك وتسمعها بأذنك وتشاهدها أمامك كأنها تتحرك وكأنك ترى أحداثها، التصوير بهذا المعنى ذكر أهل العلم المحدثين الذين اهتموا بهذه المسائل أنه لم يكن معروفًا بهذه الصورة عند قدماء الدارسين أو عند البلاغيين القدامى في دراستهم لكتاب الله -سبحانه وتعالى، وبيان ما في كتاب الله عز وجل، إلى أن أتى في العصر الحديث أستاذ سيد قطب، وكتب كتابه (التصوير الفني في القرآن)، في هذا الكتاب أسهب -رحمه الله- في بيان هذه المسألة والاستدلال لها وذكر شواهدها، وهذا من المتعة التي سنتناولها -إن شاء الله- بشيء من التفصيل في هذا المجال، وقبل أن نتحدث عن كلام الأستاذ سيد قطب وما طرحه في هذه المسألة نذكر جهود القدامى -رحمهم الله- في بيان مسألة التصوير:
التصوير عند القدماء ينحصر فيما يُسمى بالصورة البيانية، علم البيان فرع من فروع علوم البلاغة الثلاثة فهي تشمل ثلاثة فروع كما تعرف -أيها الابن الكريم-؛ تشمل المعاني وتشمل البيان وتشمل البديع.
فعلم البيان الذي يشمل التشبيه والاستعارة والمجاز والكناية، هذا العلم به يُنسب إليه ما يُطلق عليه التصوير في كتب القدامى، التصوير أي الصورة البيانية في


الصفحة التالية
Icon