وفي معانيه فعرف أنه يخرج عن طوق العرب في كلامهم، وكذلك عمر -رضي الله عنه- كان سبب إيمانه هو سماعه آيات من القرآن في رواية أو قراءته آيات من سورة طه في رواية أخرى، فكان ذلك دافعًا لإيمانه -رضي الله عنه وأرضاه- وكانت عباراته المشهورة: "فلما سمعت القرآن رق له قلبي فبكيت ودخلني الإسلام"، والعبارة الأخرى عندما قرأ الآيات قال: "ما أحسن هذا الكلام وأكرمه" فذلك دليل بيّن، على أن القرآن أثر العرب في بداياته.
مدخل جميل لهذه المسألة؛ أرجو منك أيها الابن الكريم أن تتأمله معي، أن القرآن سحر العرب ببيانه وأسلوبه بداية، فهنا نطرح سؤالًا: إذا قلنا الإعجاز في القرآن من ناحية التشريع، أو الإعجاز في القرآن من ناحية الإخبار بالحقائق الكونية، أو الإعجاز في القرآن من ناحية الحديث عن النبوءات الغيبية الأشياء المستقبلة، هذا الكلام نستطيع أن نقبله من القرآن ككلام عام، كما ذكرنا في الدرس الماضي جملةً على الجملة لماذا؟
لأنك لو قرأت في القرآن كله ستجد هذه الآيات وهذه العلامات البيّنة على إعجاز القرآن في هذه الوجوه؛ في جانب التشريع وفي جانب الحقائق الكونية وفي جانب النبوءات الغيبية.
أما السؤال الذي يُطرح الآن: أين هذه الأشياء من الوليد بن المغيرة عندما ذكر هذا الكلام بعد سماعه آيات من القرآن ونزلت قصته في سورة (ن) تصوّر حاله عندما سمع وعندما قال بعد ذلك قولته العظيمة الباهتة الظالمة في القرآن: ﴿إِنْ هَذَا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ * إِنْ هَذَا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ﴾ (المدثر: ٢٤، ٢٥)، هذه الآيات في سورة (ن)، وسورة (ن) من أولى السور التي نزلت من القرآن الكريم، واختلف أهل العلم في ترتيب نزولها: هل هي الثالثة أم بعد الثالثة؟ ولكنهم