العادة، ولا يستنسئه الشيطان وإن كانت طاعته عندهم عبادة، فإنه يسمع ضربًا خالصًا من الموسيقى اللغوية في انسجامه واضطراد نسقه واتزانه على أجزاء النفس مقطعًا مقطعًا ونبرةً نبرةً، كأنها توقّعه توقيعًا ولا تتلوه تلاوة.
هذه المقدمة الجميلة ذكرها الرافعي -رحمه الله- في بداية كلامه عن الحروف والأصوات، كمظهر من مظاهر الإعجاز الكريم.
مظهر الإعجاز في الحروف وأصواتها
يتركز حديثنا عن مظهر الإعجاز في الحروف وأصواتها في نقاط ابتداءً قبل التفصيل الذي سنذكره:
أولًا: هناك فرق بين استخدام القرآن للحروف وأصواتها واستخدام العرب، كيف؟
العرب في كلامهم كانوا يترسلون أو يحلمون؛ بمعنى أنه يقرأ على تمهل أو يقرأ على سرعة أي يتسرع في القراءة كيفما اتفق له، لا يراعون أكثر من تكييف الصوت دون تكييف الحروف التي هي مادة الصوت، هذه طريقة العرب وغاية ما كانوا يستخدمونه في كلامهم، يقرءوا ببطء أو يقرأ بسرعة إلا أنه لا يهتم اهتمامًا بالغًا بأن يكيف الحروف تبعًا لمادة الصوت، وإنما اهتمامه هو تكييف الصوت أي يقرأ أو يتحدث بصوت يشعر من أمامه بما يريد أن يتحدث به، فإذا أراد أن يتحدث مثلًا عن الحماسة أو الفخر تحدث بنبرة معينة، وإذا أراد أن يتحدث عن الغزل أو غيره تحدث بنبرة معينة، فيغير نبرات صوته وطرق أدائها حسبما الأغراض التي يريدها.


الصفحة التالية
Icon