الشيخ عن أبي هريرة أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((إن الله لو أغفل شيئًا لأغفل الذرة والخردلة والبعوضة)) ومن الآثار ما أخرجه سعيد بن منصور عن ابن مسعود أنه قال: "من أراد العلم فعليه بالقرآن، فإن فيه خبر الأولين والآخرين". وما أخرجه ابن أبي حاتم عن ابن مسعود -رضي الله عنه- أنه قال: "أنزل الله في القرآن كل علم وبين لنا فيه كل شيء، لكن علمنا يقصر عما بين لنا في القرآن".
ثم نجد السيوطي بعد أن يسوق هذه الأدلة وغيرها، يذكر لنا عن بعض العلماء أنه استنبط أن عمر النبي -صلى الله عليه وسلم- ثلاث وستون سنة، من قوله تعالى في الآية الحادية عشرة من سورة المنافقون يقول: ﴿وَلَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْسًا إِذَا جَاءَ أَجَلُهَا﴾ (المنافقون: ١١). فإنها رأس ثلاث وستين سورة وعقبها أي ذكر بعدها سورة التغابن؛ ليظهر التغابن في فقد النبي -صلى الله عليه وسلم-.
بعد أن ذكرنا الجلال السيوطي وكثرته من القول في التفسير العلمي نأتي بعد ذلك إلى عالم آخر يقرر ما قرره السيوطي وما قرره الغزالي، هذا العالم هو أبو الفضل المرسي. لقد ذكر عن أبي الفضل المرسي أنه قال في تفسيره: "جمع القرآن علوم الأولين والآخرين بحيث لم يحط بها علمًا حقيقة إلا المتكلم به، وهو الله سبحانه، ثم رسول الله -صلى الله عليه وسلم- خلا ما استأثر به -سبحانه وتعالى-. ثم ورث عنه معظم ذلك سادات الصحابة وأعلامهم مثل: الخلفاء الأربعة وابن مسعود وابن عباس حتى قال: لو ضاع لي عقال بعير لوجدته في كتاب الله تعالى، ثم ورث عنه التابعون بإحسان، ثم تقاصرت الهمم، وفترت العزائم. وتضاءل أهل العلم، وضعفوا عن حمل ما حمله الصحابة والتابعون من علومه وسائر فنونه، فنوعوا علومه وقامت كل طائفة بفن من فنونه. فاعتنى قوم بضبط لغاته، وتحرير كلماته، ومعرفة مخارج حروفه وعددها وعدد كلماته وآياته وسوره، وأحزابه وأنصافه