تنزيهه عما لا يليق بجلاله من صفات المحْدَثات واختاره الألوسي، وذهب جمع من المفسرين إلى تأويله بإرادة أو لإرادة لازمة وهو ترك ض رب الأمثال بها؛ لأن الاستحياء من الحياء، وهو تغير وانكسار يعتري الإنسان من تخوف ما يعاب ويذم به، أو هو انقباض النفس عن القبائح، وهذا المعنى محال في حقه تعالى؛ فيصرف اللفظ إلى لازم معناه؛ وهو الترك.
قوله: ﴿بَعُوضَةً فَمَا فَوْقَهَا﴾ البعوض ضرب من الذباب، ويطلق على البق المعروف وعلى الناموس ﴿فَمَا فَوْقَهَا﴾ أي في الحجم أو في المعنى الذي وقع التمثيل فيه وهو الصغر والحقارة.
قوله: ﴿ومَا يُضِلُّ بِهِ إِلَّا الْفَاسِقِينَ﴾ الفسق الخروج عن الطاعة، ويقع بالقليل والكثير من الذنوب، ولكن ت ُع ُو ر ِ ف َ فيما كان كثيرا وهو أعم من الكفر. وكلام المفسرين الباقين لم يخرج عن ذلك.
من الدلالات العلمية للنص الكريم:
أول ً ا: النص الكريم يشمل ما فوق البعوضة حجما، وما هو أقل منها، وما هو أشد منها خطرا، وما هو أهون منها، من معاني هذا النص الكريم أن قدرة الله المبدعة في الخلق تتجلى في أدق المخلوقات حجما، كما تظهر في أضخمها بناء، وتجليها في الكائنات المتناهية الضآلة في الحجم قد يكون أبلغ من وضوحها في الكائنات العملاقة، وكان الجهل بأخطار البعوض وبوجود كائنات أدق منه بكثير من وراء استنكار كل من الكفار والمشركين والمنافقين ضرب المثل في القرآن الكريم ببعض الحشرات؛ من مثل البعوض والذباب والنحل والنمل الأبيض والفراش والجراد والقمل والمن وببعض العناكب الصغيرة مثل العنكبوت.