على ذلك كثير من المفسرين، وإن قال الربيع بن أنس: " إنه العرش الذي هو سقف لجميع المخلوقات".
أما القسم السادس وهو موضوع درسنا، والذي جاء بصياغة ﴿وَالْبَحْرِ الْمَسْجُورِ﴾ (الطور: ٦) فقد تعددت آراء المفسرين فيه، وقبل أن نتعرض لآراء المفسرين يحسن أن نستعرض الدلالة اللغوية للفظي البحر، والمسجور؛ المدلول اللغوي للبحر المسجور؛ البحر في اللغة ضد البر، وقيل: إنه سمي بهذا الاسم لعمقه واتساعه، والجمع أبحر وبحار وبحور، وكل نهر عظيم يسمى بحرًا؛ لأن أصل البحر هو كل مكان واسع جامع للماء الكثير، وإن كانت لفظة البحر تطلق في الأصل على الماء المالح دون العذب.
كذلك سمت العرب كل متوسع في شيء بحرا حتى قالوا للمتوسِع في علمه: بحرًا، وللتوسع في العلم: تبحر، وقالوا: فرس بحر؛ أي واسع الخطا سريع الجري، وقيل: ماء بحر؛ أي مالح، وأبحر الماء؛ أي ملح، وأبحر الرجل؛ أي ركب البحر، وبحر أذن الناقة؛ أي شقها شقا واسعا فشبهها بسعة البحر على وجه المجاز والمبالغة، ومن هنا سميت البحيرة وهي الناقة إذا ولدت عشرة أبطن شقوا أذنها، وتطلق فلا تركب ولا يحمل عليها، والبحيرة ابنة السائبة، وحكمها حكم أمها عند العرب في الجاهلية.
أما وصف البحر بصفة المسجور؛ فالصفة مستمدة من الفعل سجر، والسجر تهييج النار، يقال: سجر التنور؛ أي أوقَد عليه حتى أحماه، والسجور ماء يسجر به التنور من أنواع الوقود، وكذلك يقال: سجر الماء النهر؛ أي ملأه، ومنه البحر المسجور؛ أي المملوء بالماء المكفوف عن اليابسة، والساجور خشبة تجعل في عنق الكلب فيقال له: كلب مُسَوْجَر؛ أي محكوم، والمسوجر المغلق المحكم الإغلاق من كل شيء.