حَيْثُ يَشَاء الله، مَعَ بَقَاء نوع تعلق لَهَا بالأبدان الْأَصْلِيَّة يَتَأَتَّى مَعَه صُدُور الْأَفْعَال مِنْهَا كَمَا يحْكى عَن بعض الْأَوْلِيَاء أَنهم يرَوْنَ فِي وَقت وَاحِد فِي عدَّة مَوَاضِع وَمَا ذَاك إِلَّا لتجرد قُوَّة أنفسهم وَغَايَة تقدسها فتمثل وَتظهر فِي مَوضِع وبدنها الْأَصْلِيّ فِي مَوضِع آخر

(لَا تقل دارها بشرقي نجد كل نجد للعامرية دَار)
وَهَذَا أَمر مُقَرر عِنْد الصُّوفِيَّة مَشْهُور فِيمَا بَينهم. وَهُوَ غير طي الْمسَافَة
وإنكار من يُنكر كلا مِنْهُمَا عَلَيْهِم مُكَابَرَة لَا تصدر إِلَّا عَن جَاهِل أَو معاند.
وَقد عجب الْعَلامَة التَّفْتَازَانِيّ من بعض فُقَهَاء أهل السّنة حَيْثُ حكم بالْكفْر على مُعْتَقد مَا رُوِيَ عَن إِبْرَاهِيم بن أدهم أَنهم رَأَوْهُ بِالْبَصْرَةِ يَوْم التَّرويَة ورئي ذَلِك الْيَوْم بِمَكَّة ومبناه زعم أَن ذَلِك من جنس المعجزات الْكِبَار وَهُوَ مِمَّا لَا يثبت كَرَامَة لوَلِيّ وَأَنت تعلم أَن الْمُعْتَمد عندنَا جَوَاز ثُبُوت الْكَرَامَة للْوَلِيّ مُطلقًا إِلَّا فِيمَا يثبت الدَّلِيل عدم إِمْكَانه كالإتيان بِسُورَة مثل إِحْدَى سور الْقُرْآن وَقد أثبت غير وَاحِد تَمْثِيل النَّفس وتطورها لنبينا صلى الله عَلَيْهِ وَسلم بعد الْوَفَاة وَادّعى أَنه يرى فِي عدَّة مَوَاضِع فِي وَقت وَاحِد مَعَ كَونه فِي قَبره يُصَلِّي وَصَحَّ أَنه صلى الله عَلَيْهِ وَسلم رأى مُوسَى يُصَلِّي فِي قَبره عِنْد الْكَثِيب الْأَحْمَر (٣)، وَرَآهُ فِي السَّمَاء (٤)، وَجرى بَينهمَا مَا جرى فِي أَمر
(٣) رواه مسلم والنسائي وأحمد وأبو نعيم - ن -.
[انظر "صحيح سنن النسائي - باختصار السند" ١٥٣٧ - ١٥٤٣ للألباني - بإشرافي، و"مسند الإمام أحمد" ٣/ ١٤٨ (١٢٤٨٨) و٣/ ٢٤٨ (١٣٥٧٨)].
(٤) هو قطعة من حديث الإسراء والمعراج في الصحيحين وغيرهما.


الصفحة التالية
Icon