شك أن القبائل كانت ترد على النبي - ﷺ - وكان يترجم لكل أحد بحسب لغته، فكان يمد قدر الألف والألفين والثلاثة لمن لغته كذلك، وكان يفخم لمن لغته كذلك، ويرقق لمن لغته كذلك، ويميل لمن لغته كذلك.
وأما ما يفعله قراء زماننا من أن القارئ كل آية يجمع ما فيها من اللغات فلم يبلغنا وقوعه عن رسول الله - ﷺ - ولا عن أحد من أصحابه، قاله الشعرواي (١) في (الدرر المنثورة في بيان زبدة العلوم المشهورة).
وينبغي للقارئ أن يقطع الآية التي فيها ذكر النار، أو العقاب عما بعدها إذا كان بعدها ذكر الجنة، ويقطعها أيضًا عما بعدها إن كان بعدها ذكر النار، نحو قوله: ﴿وَكَذَلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُوا أَنَّهُمْ أَصْحَابُ النَّارِ (٦)﴾ هنا الوقف، ولا يوصل ذلك بقوله: ﴿الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ﴾، ونحو:
﴿يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ﴾ هنا الوقف، ولا يوصله بما بعده، ونحو: ﴿يُدْخِلُ مَنْ يَشَاءُ فِي رَحْمَتِهِ﴾ هنا الوقف، فلا يوصله بما بعده من قوله: ﴿لِلْفُقَرَاءِ﴾، ونحو قوله في التوبة: ﴿وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ﴾ هنا الوقف، فلا يوصله بما بعده من قوله: ﴿الَّذِينَ آَمَنُوا وَهَاجَرُوا﴾، وكذا كل ما هو خارج عن حكم الأول -فإنه يقطع.

(١) الشعراني (٨٩٨ - ٩٧٣ هـ = ١٤٩٣ - ١٥٦٥ م) عبد الوهاب بن أحمد بن علي الحنفي، نسبة إلى محمد ابن الحنفية، الشعراني، أبو محمد: من علماء المتصوفين، ولد في قلقشندة (بمصر)، ونشأ بساقية أبي شعرة (من قرى المنوفية)، وإليها نسبته: (الشعراني، ويقال الشعراوي) وتوفي في القاهرة، له تصانيف منها: الأجوبة المرضية عن أئمة الفقهاء والصوفية، وأدب القضاة، وإرشاد الطالبين إلى مراتب العلماء العالمين، والأنوار القدسية في معرفة آداب العبودية، والبحر المورود في المواثيق والعهود، والبدر المنير -في الحديث، وبهجة النفوس والأسماع والأحداق فيما تميز به القوم من الآداب والأخلاق، وتنبيه المغترين في آداب الدين، وتنبيه المفترين في القرن العاشر، على ما خالفوا فيه سلفهم الطاهر، والجواهر والدرر الكبرى، والجواهر والدرر الوسطى، وحقوق أخوة الإسلام -مواعظ، والدرر المنثورة في زبد العلوم المشهورة -رسالة، ودرر الغواص -من فتاوى الشيخ علي الخواص، وذيل لواقح الأنوار، والقواعد الكشفية -في الصفات الإلهية، والكبريت الأحمر في علوم الشيخ الأكبر، وكشف الغمة عن جميع الأمة، ولطائف المنن -يُعرف بالمنن الكبرى، ولواقح الأنوار في طبقات الأخيار -يُعرف بطبقات الشعراني الكبري، ولواقح الأنوار القدسية في بيان العهود المحمدية، ومختصر تذكرة السويدي -في الطب، ومختصر تذكرة القرطبي -مواعظ، وإرشاد المغفلين من الفقهاء والفقراء، إلى شروط صحبة الأمراء، ولطائف المنن والأخلاق، والسالكين إلى رسوم طريق العارفين، ومشارق الأنوار، والمنح السنية -شرح وصية المتبولي، ومنح المنة التلبس بالسنة، والميزان الكبرى، واليواقت والجواهر في عقائد الأكابر. انظر: الأعلام للزركلي (٤/ ١٨١).


الصفحة التالية
Icon