«إنَّ» حرف توكيد ينصب الاسم ويرفع الخبر، «الذين» اسمها، و «كفروا» صلة وعائد، و «لا يؤمنون» خبر، «إنَّ» وما بينهما جملة معترضة بين اسم «إنَّ» وخبرها، فعلى هذا الوقف على «لا يؤمنون» تام؛ وإن جعلت «سواء» خبر «إنَّ» كان الوقف على «أم لم تنذرهم» تامًّا أيضًا؛ لأنك أتيت بإنَّ واسمها وخبرها؛ كأنه قال: «لا يؤمنون أأنذرتهم أم لم تنذرهم»، فإن قلت: إذا جعلت «لا يؤمنون» خبر «إنَّ» فقد عم جميع الكفار، وأخبر عنهم على وجه العموم «أنهم لا يؤمنون»، قيل: الآية نزلت في قوم بأعيانهم، وقيل: عامة، نزلت في جميع الكفار، كأنه سَلَّى النبي - ﷺ - بأنْ أخبر عنهم أنَّ جميعهم لا يؤمنون، وإن بذل لهم نصحه، ولم يسلم من المنافقين أحد إلَّا رجلان، وكان مغموصًا عليهما في دينهما، أحدهما: أبو سفيان، والثاني: الحكم بن العاصي، وإن جعلت «سواء» مبتدأ، و «أنذرتهم» وما بعده في قوة التأويل بمفرد خبرًا، والتقدير: سواء عليهم الإنذار وعدمه -كان كافيًا.
﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾ [٦] ليس بوقف؛ لأنَّ «أم لم تنذرهم» عطف عليه؛ لأنَّ ما قبل «أم» المتصلة وما بعدها لا يستغنى بأحدهما عن الآخر، وهما بمنزلة حرف واحد، وقيل: الوقف على «تنذرهم»، ثم يبتدئ «هم لا يؤمنون» على أنها جملة من مبتدأ وخبر، وهذا ينبغي أن يُردَّ ولا يلتفت إليه وإن كان قد نقله الهذلي (١) في الوقف والابتداء (٢)، ومفعول «أأنذرتهم» الثاني محذوف تقديره: العذاب على كفرهم، وإن لم تجعل «لا يؤمنون» خبر «إنَّ» كان الوقف على «أم لم تنذرهم»، ويكون «ختم» حالًا متعلقًا بـ «لا يؤمنون» أي: لا يؤمنون خاتمًا الله على قلوبهم. قاله العماني، أي: لأنَّ «ختم» متعلق بالأول من جهة المعنى، وإن جعلته استئنافًا فادعاء عليهم، ولم تنو الحال -كان الوقف على «لا يؤمنون» تامًّا.
﴿عَلَى قُلُوبِهِمْ﴾ [٧] صالح؛ إن قدرت الختم على القلوب خاصة، وإن قدرته بمعنى: «وختم على سمعهم» أيضًا لم يكن على «قلوبهم» وقفًا؛ لأنَّ الثاني معطوف على الأول.
فإن قيل: إذا كان الثاني معطوفًا على الأول فلِمَ أعيد حرف الجر؟ فالجواب: إنَّ إعادة الحرف لمعنى المبالغة في الوعيد، أو أنَّ المعنى: «وختم على سمعهم» فحذف الفعل، وقام الحرف مقامه.
﴿وَعَلَى سَمْعِهِمْ﴾ [٧] تام؛ إن رفعت «غشاوة» بالابتداء، أو بالظرف، أي: ترفع «غشاوة» بالفعل المضمر قبل الظرف؛ لأنَّ الظرف لا بد له أن يتعلق بفعل، إما ظاهر، أو مضمر، فإذا قلت: في الدار زيد
(٢) أي: في كتابه «الوقف التمام».