أي: وحاملًا رمحًا؛ لأنَّ التقليد لا يقع على الرمح، كما أنَّ الختم لا يقع على العين، وعلى هذا يسوغ الوقف على «سمعهم»، أو على إسقاط حرف الجر، ويكون «وعلى أبصارهم» معطوفًا على ما قبله، أي: ختم الله على قلوبهم وعلى سمعهم وعلى أبصارهم بغشاوة، فلما حذف حرف الجر وصل الفعل إليه فانتصب كقوله:

تَمُّرونَ الدِّيَارَ فَلَمْ تَعُوجُوا كَلَامُكُمْ عَلَيَّ إذًا حَرَامُ (١)
أي: تمرون بالديار، وقال الفراء: أنشدني بعض بني أسد يصف فرسه:
عَلَفْتُهَا تِبْنًا وَمَاءً بَارِدًا حَتَّى غَدَتْ هَمَّالَة عَيْنَاهَا (٢)
فعلى هذا لا يوقف على سمعهم؛ لتعلق آخر الكلام بأوله، وقال آخر:
إذا ما الغانياتُ برزنَ يومًا وزجّجنَ الحواجبَ والعيونَا (٣)
والعيون لا تُزَجَّج، وإنما تُكَحَّل، أراد: وكَحِّلْنَّ العيون، فجواز إضمار الفعل الثاني، وإعماله مع الإضمار في الأبيات المذكورة؛ لدلالة الفعل الأول عليه.
﴿غِشَاوَةٌ﴾ [٧]، حسن؛ سواءً قُرِأ: «غشاوة» بالرفع، أو بالنصب (٤).
﴿عَظِيمٌ (٧)﴾ [٧]، تام؛ لأنه آخر قصة الكفار.
ورسموا: ﴿أَأَنْذَرْتَهُمْ﴾، بألف واحدة كما ترى، وكذا جميع ما وقع من كل استفهام فيه ألفان أو ثلاثة؛ اكتفاء بألف واحدة كراهة اجتماع صورتين متفقتين، نحو: ﴿أَأَمِنْتُمْ﴾، ﴿أَأَنْتَ قُلْتَ لِلنَّاسِ﴾،
﴿وَقَالُوا أَآَلِهَتُنَا خَيْرٌ﴾.
ورسموا: ﴿وَعَلَى أَبْصَارِهِمْ﴾ بحذف الألف التي بعد الصاد.
وحذفوا الألف التي بعد الشين في: ﴿غِشَاوَةٌ﴾.
ولا وقف من قوله: «ومن الناس» إلى قوله: «بمؤمنين»، فلا يوقف على «آمنا بالله»، ولا على «وباليوم الآخر»؛ لأنَّ الله أراد أن يعلمنا أحوال المنافقين أنهم يظهرون خلاف ما يبطنون، والآية دلت
(١) والبيت من بحر الوافر، وقائله جرير كما سبق وأن بيناه.
(٢) هو من الرجز، مجهول القائل، وذكره ابن جني في كتابه: التمام في تفسير أشعار هذيل، عن أحمد بن يحي، وكذا ذكره عبد القادر البغدادي في خزانة الأدب ولب لباب لسان العرب- الموسوعة الشعرية
(٣) والبيت مجهول القائل، وذكره أبو هلال العسكري في الصناعتين- الموسوعة الشعرية
(٤) الوارد في «غشاوة» هو الرفع عن الأئمة العشرة، ولم يرد النصب إلا شاذًا.


الصفحة التالية
Icon