على نفى الإيمان عنهم، فلو وقفنا على «وباليوم الآخر»، لكُنَّا مخبرين عنهم بالإيمان، وهو خلاف ما تقتضيه الآية، وإنما أراد تعالى أن يُعْلِمَنا نفاقهم، وأنَّ إظهارهم للإيمان لا حقيقة له.
﴿بِمُؤْمِنِينَ (٨)﴾ [٨] تام؛ إن جعل ما بعده استئنافًا بيانيًّا؛ كأنَّ قائلًا يقول: ما بالهم قالوا آمنا ويظهرون الإيمان وما هم بمؤمنين؟! فقيل: «يخادعون الله». وليس بوقف إن جعلت الجملة بدلًا من الجملة الواقعة صلة لمن، وهي: يقول، وتكون من بدل الاشتمال؛ لأنَّ قولهم مشتمل على الخداع، أو حال من ضمير «يقول»، ولا يجوز أن يكون «يخادعون» في محل جر صفة لـ «مؤمنين»؛ لأنَّ ذلك يوجب نفي خداعهم، والمعنى: على إثبات الخداع لهم، ونفي الإيمان عنهم، أي: وما هم بمؤمنين مخادعين. وكل من الحال والصفة قيد يتسلط النفي عليه وعليهما، فليس بوقف، ومن حيث كونه رأس آية يجوز.
﴿وَالَّذِينَ آَمَنُوا﴾ [٩] حسن؛ لعطف الجملتين المتفقتين مع ابتداء النفي، ومن قرأ: «وما يخدعون» بغير ألف بعد الخاء كان أحسن، وقرأ أبو طالوت عبد السلام بن شداد (١): ﴿وما يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ﴾، بضم الياء وسكون الخاء، ورفع «أنفسهم» بدلًا من الضمير في «يُخْدعون»؛ كأنه قال: وما يخدعون إلَّا أنفسهم، أو بفعل مضمر، كأنه قال: وما يخدعون إلا نخدعهم أنفسهم. ولا يجوز الوقف على «أنفسهم»؛ لأنَّ ما بعد «هم» جملة حالية من فاعل، «وما يخادعون»، أي: وما يخادعون إلَّا أنفسهم غير شاعرين بذلك؛ إذ لو شعروا بذلك ما خادعوا الله ورسوله والمؤمنين. وحذف مفعول «يشعرون» للعلم به، أي: وما يشعرون وبال خداعهم.
﴿وَمَا يَشْعُرُونَ (٩)﴾ [٩] كاف؛ ورسموا: ﴿يَخْدَعُونَ﴾ في الموضعين بغير ألف بعد الخاء كما ترى.
﴿فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ﴾ [١٠] صالح؛ وقول ابن الأنباري: حسن ليس بحسن؛ لتعلق ما بعده به؛ لأنَّ الفاء للجزاء فهو توكيد.
﴿مَرَضًا﴾ [١٠] كاف؛ لعطف الجملتين المختلفتين.
﴿أَلِيمٌ﴾ [١٠] ليس بوقف؛ لأنَّ قوله: «بما» متعلقة بالموصوف.
﴿يَكْذِبُونَ (١٠)﴾ [١٠] كاف؛ ولا وقف إلى: «مصلحون»، فلا يوقف على «تفسدوا»؛ لأنَّ «في الأرض» ظرف للفساد، ولا على «في الأرض»؛ لأنَّ «قالوا» جواب إذا، ولا على «قالوا»؛ لأنَّ «إنما نحن» حكاية.
﴿مُصْلِحُونَ﴾ [١١] كاف؛ لفصله بين كلام المنافقين، وكلام الله عزَّ وجلَّ في الرد عليهم.
﴿الْمُفْسِدُونَ﴾ [١٢] ليس بوقف؛ لشدة تعلقه بما بعده عطفًا واستدراكًا.
إلا ثقة».