الثالث: وما رميت قلوبهم بالرعب إذ رميت وجوههم بالتراب ولكن الله ملأ قلوبهم رعباً. والقول الرابع: أنه أرد رمى أصحابه بالسهم فأصاب رميهم. وقوله تعالى: ﴿وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى﴾ يعني بما أرسله من الريح المعينة لسهامهم حتى سددت وأصابت. والمراد بالرمي الإصابة لأن معى الرمي محمول على الإصابة، فإن لم يصب قيل رمى فأخطأ. وإذا قيل مطلقاً: قد رمى، لم يعقل منه إلا الإصابة. ألا ترى إلى قول امرىء القيس:
٨٩ (فرماها في فرائصها.} ٩
فاستغنى بذكر الرمي عن وصفه بالإصابة. وقال ذو الرمة في الرأي:

(رمى فأخطأ والأقدار غالبةٌ.. فانصاع والويل هجيراه والحربُ)
قوله عز وجل: ﴿وَليُبْلِيَ الْمُؤْمِنِينَ مِنْهُ بَلاَءً حَسَناً﴾ قال أصحاب الخواطر: البلاء الحسن ما يورثك الرضا به والصبر عليه. وقال المفسرون: البلاء الحسن ها هنا النعمة بالظفر والغنيمة.
﴿إن تستفتحوا فقد جاءكم الفتح وإن تنتهوا فهو خير لكم وإن تعودوا نعد ولن تغني عنكم فئتكم شيئا ولو كثرت وأن الله مع المؤمنين﴾ قوله عز وجل: ﴿إِن تَسْتَفْتِحُواْ فقَدْ جَاءَكُمُ الْفَتْحُ﴾ في قولان: أحدهما: إن تستنصروا الله، فالفتح النصر، فقد جاءكم فضل الله بنصرنا، حكاه ابن الأنباري. والثاني: معناه إن تستنصروا الله، والفتح النصر، فقد جاءكم نصر الله لنا عليكم، وفي هذا الخطاب قولان. أحدهما: أنه خطاب للمشركين لأنهم استنصروا يوم بدر بأن قالوا: اللهم أقطعنا للرحم وأظلمنا لصاحبه فانصره عليه، فنصر الله تعالى نبيه والمسلمين عليهم.


الصفحة التالية
Icon