والفرق بين الرضا والإرادة أن الرضا لما مضى، والإرادة لما يأتي. ﴿فَمَا مَتَاعُ الَْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الأخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ﴾ لانقطاع هذا ودوام ذاك. قوله عز وجل ﴿إِلاَّ تَنفِرُواْ﴾ يعني في الجهاد. ﴿يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً﴾ قال ابن عباس: احتباس القطر عنهم هو العذاب الأليم الذي أوعدتم ويحتمل أن يريد بالعذاب الأليم أن يظفر بهم أعداؤهم. ﴿وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ﴾ يعني ممن ينفر إذا دُعي ويجيب إذا أُمر. ﴿وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً﴾ فيه وجهان: أحدهما: ولا تضروا الله بترك النفير، قاله الحسن. والثاني: ولا تضرّوا الرسول، لما تكفل الله تعالى به من نصرته، قاله الزجاج.
﴿إلا تنصروه فقد نصره الله إذ أخرجه الذين كفروا ثاني اثنين إذ هما في الغار إذ يقول لصاحبه لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا السفلى وكلمة الله هي العليا والله عزيز حكيم﴾ قوله تعالى ﴿إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾ يعني إلا تنصروا أيها الناس النبي ﷺ بالنفير معه وذلك حين استنفرهم إلى تبوك فتقاعدوا فقد نصره الله. ﴿إِذْ أَخَرَجَهُ الَّذِينَ كَفَرُواْ﴾ يعني من مكة ولم يكن معه من يحامي عنه ويمنع منه إلا الله تعالى، ليعلمهم بذلك أن نصره نبيه ليس بهم فيضره انقطاعهم وقعودهم، وإنما هو من قبل الله تعالى فلم يضره قعودهم عنه. وفي قوله ﴿فَقَدْ نَصَرَهُ اللَّهُ﴾ وجهان: أحدهما: بإرشاده إلى الهجرة حتى أغناه عن معونتهم. والثاني: بما تكفل به من إمداده بملائكته.