وأما الخلال فهو من تخلل الصفوف وهي الفُرَج تكون فيها، ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (تَرَاصُّوا فِي الصُّفُوفِ وَلاَ يَتَخَلَّلْكُمْ، كَأَولاَدِ الحذف يَعْنِي الشَّيَاطِينَ) والخلال هو الفساد، وفيه ها هنا وجهان: أحدهما: لأسرعوا في إفسادكم. والثاني: لأوضعوا الخلف بينكم. وفي الفتنة التي يبغونها وجهان: أحدهما: الكفر. والثاني: اختلاف الكلمة وتفريق الجماعة. ﴿وَفِيكُمْ سّمَّاعُونَ لَهُمْ﴾ وفيهم ثلاثة أقاويل: أحدها: وفيكم من يسمع كلامهم ويطيعهم، قاله قتادة وابن إسحاق. والثاني: وفيكم عيون منكم ينقلون إلى المشركين أخباركم، قاله الحسن.
﴿لقد ابتغوا الفتنة من قبل وقلبوا لك الأمور حتى جاء الحق وظهر أمر الله وهم كارهون﴾ قوله عز وجل ﴿لَقَدْ ابْتَغَؤا الْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ﴾ يعين إيقاع الخلاف وتفريق الكلمة. ﴿وَقَلَّبُواْ لَكَ الأُمُورَ﴾ يحتمل أربعة أوجه: أحدها: معاونتهم في الظاهر وممالأة المشركين في الباطن. والثاني: قولهم بأفواههم ما ليس في قلوبهم. والثالث: توقع الدوائر وانتظار الفرص. والرابع: حلفهم بالله لو استطعنا لخرجنا معكم.