والثاني: أن معنى قوله: ﴿سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ﴾ أى قائلون للكذب عليك. و ﴿سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍءَاخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ﴾ يعني فى قصة الزاني المحصن من اليهود الذي حكم رسول الله ﷺ فأنكروه، وهذا قول ابن عباس. ﴿يُحرِّفُونَ الْكَلِمَ مِن بَعْدِ مَوَاضَعِهِ﴾ فيه قولان: أحدهما: أنهم إذا سمعوا كلام النبي ﷺ غيروه بالكذب عليه، وهذا قول الحسن. والثاني: هو تغيير حكم الله تعالى في جَلْد الزاني بدلاً من رجمه، وقيل في إسقاط القود عند استحقاقه. ﴿يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ﴾ فيه قولان: أحدهما: أنه يريد بذلك حين زنى رجل منهم بامرأة فأنفذوه إلى النبي ﷺ ليحكم بينهم وقالوا: إن حكم عليكم بالجلد فاقبلوه وإن حكم عليكم بالرجم فلا تقبلوه، فقام النبي ﷺ إلى مدارس توارتهم وفيها أحبارهم يتلون التوراة، فأتى عبد الله بن صوريا، وكان أعور، وهو من أعلمهم فقال له أسألك بالذي أنزل التوراة بطور سيناء على موسى بن عمران هل فى التوراة الرجم؟ فأمسك، فلم يزل به حتى اعترف، فأمر بهما النبي ﷺ فَرُجِمَا، قال عبد الله: وكنت فيمن رجمه وأنه ليقيها الأحجار بنفسه حتى ماتت، ثم إن ابن صوريا أنكر وفيه أنزل الله تعالى هذه الآية وهذا قول ابن عباس، وجابر، وسعيد بن المسيب، والسدي، وابن زيد. والقول الثاني: أن ذلك في قتيل منهم، قال الكلبي: قتلت بنو النضير رجلاً من بني قريظة وكانوا يمتنعون بالاستطالة عليهم من القود بالدية، وإذا قتلت بنو قريظة منهم رجلاً لم يقنعوا إلا بالقود دون الدية، قالوا: إن أفتاكم بالدية فاقبلوه وإن أفتاكم بالقود فردوه، وهذا قول قتادة. ﴿وَمَن يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ﴾ فيه ثلاث تأويلات. أحدها: عذابه، وهذا قول الحسن. والثاني: إضلاله، وهو قول السدي.