الرابع: معناه فتشوا وطلبوا خلال الديار، قاله أبو عبيدة. الخامس: معناه نزلوا خلال الديار، قاله قطرب، ومنه قول الشاعر:

(فَجُسنا ديارهم عَنْوَةً وأبنا بساداتهم موثَقينا)
قوله عز وجل: ﴿ثم رددنا لكم الكرة عليهم﴾ يعني الظفر بهم، وفي كيفية ذلك ثلاثة أقاويل: أحدها: أن بني إسرائيل غزوا ملك بابل واستنقذوا ما فيه يديه من الأسرى والأموال. الثاني: أن ملك بابل أطلق من في يده من الأسرى، وردّ ما في يده من الأموال. الثالث: أنه كان بقتل جالوت حين قتله داود. ﴿وأمددناكم بأموالٍ وبنين﴾ بتجديد النعمة عليهم. ﴿وجعلناكم أكثر نفيراً﴾ فيه وجهان: أحدهما: أكثر عزاً وجاهاً منهم. الثاني: أكثر عدداً، وكثرة العدد تنفر عدوهم منهم، قال تُبع بن بكر:
(فأكرِم بقحْطَانَ مِن وَالِدٍ وحِمْيَرَ أَكْرِم بقَوْمٍ نَفِيراً)
قال قتادة: فكانوا بها مائتي سنة وعشر سنين، وبعث فيهم أنبياء. قوله عز وجل: ﴿إن أحسنتم أحسنتم لأنفسكم﴾ لأن الجزاء بالثواب يعود إليها، فصار ذلك إحساناً لها. ﴿وإن أسأتُم فلها﴾ أي فإليها ترجع الإساءة لما يتوجه إليها من العقاب، فرغَّب في الإحسان وحذر من الإساءة. ثم قال تعالى: ﴿فإذا جاءَ وعْدُ الآخرة ليسوءُوا وجُوهكم﴾ يعني وعد المقابلة على فسادهم في المرة الثانية. وفيمن جاءهم فيها قولان: أحدهما: بختنصّر، قاله مجاهد.


الصفحة التالية
Icon