قوله عز وجل: ﴿ولا تقف ما ليس لك به عِلْمٌ﴾ فيه ثلاثة تأويلات: أحدها: معناه لا تقل ما ليس لك به علم فلا تقل رأيت، ولم تر، ولا سمعت، ولم تسمع، ولا علمت ولم تعلم. وهذا قول قتادة. الثاني: معناه ولا ترم أحد بما ليس لك به علم، وهذا قول ابن عباس. ومنه قول النبي صلى الله عليه وسلم: (نحن بني النضر كنانة لا نقْفُو أمنا ولا ننتفي من أبينا). الثالث: أنه من القيافة وهو اتباع الأثر، وكأنه يتبع قفا المتقدم، قال الشاعر:

(ومِثْلُ الدُّمى شُمُّ العَرَنِينِ سَاكِنٌ بِهِنَّ الْحَيَاءُ لا يُشِعْنَ التَّقَافِيَا)
أي التقاذف. ﴿إن السمع والبصر والفؤاد كلُّ أُولئك كان عنه مسئولاً﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون الإنسان هو المسئول عن السمع والبصر والفؤاد لأنه يعمل بها إلى الطاعة والمعصية. الثاني: أن السمع والبصر والفؤاد تُسأل عن الإنسان ليكونوا شهوداً عليه، وله، بما فعل من طاعة وما ارتكب من معصية، ويجوز أن يقال أولئك لغير الناس، كما قال جرير:


الصفحة التالية
Icon