(هذا مُقام قَدَامي رباح ذَيّبَ حتى دَلَكت بَراح)
وبراح اسم الشمس، والباء التي فيه من أصل الكلمة، وذهب بعض أهل العربية إلى أن الباء التي فيها باء الجر، واسم الشمس راح. فمن جعل الدلوك اسماً لغروبها فلأن الإنسان يدلك عينيه براحته لتبينها، ومن جعله اسماً لزوالها فلأنه يدلك عينيه براحته لشدة شعاعها. وقيل إن أصل الدلوك في اللغة هو الميل، والشمس تميل عند زوالها وغروبها فلذلك انطلق على كل واحدٍ منهما. وأما ﴿غسق الليل﴾ ففيه تأويلان: أحدهما: أنه ظهور ظلامه، قاله الفراء وابن عيسى، ومنه قول زهير:
(ظَلَّت تَجُودُ يَدَاها وهِيَ لاَهِيَةٌ حتى إذا جَنَحَ الإِظْلاَمُ والغَسَقُ)
الثاني: أنه دنوّ الليل وإقباله، وهوقول ابن عباس وقتادة. قال الشاعر:
(إن هذا الليل قد غسقا............................................)
وفي الصلاة المأمور بها قولان: أحدهما: أنها صلاة المغرب، وهو قول ابن عباس ومجاهد وقتادة والضحاك الثاني: هي صلاة العشاء الآخرة، قاله أبو جعفر الطبري. ثم قال ﴿وقرآن الفَجْر إنّ قرآن الفجْر كان مشهوداً﴾ في ﴿قرآن﴾ تأويلان: أحدهما: أقم القراءة في صلاة الفجر، وهذا قول أبي جعفر الطبري. الثاني: معناه صلاة الفجر، فسماها قرآناً لتأكيد القراءة في الصلاة، وهذا قول أبي اسحاق الزجاج. ﴿إن قرآن الفجر كان مشهوداً﴾ فيه قولان: أحدهما: إن من الحكمة أن تشهده بالحضور إليه في المساجد، قاله ابن بحر. الثاني: ان المراد به ما رواه أبو هريرة عن النبي ﷺ أنه قال: (تشهده ملائكة


الصفحة التالية
Icon