قوله تعالى: ﴿وما منع الناس أن يؤمنوا﴾ يعني برسول الله صلى الله عليه وسلم. ﴿إذ جاءَهم الهُدى﴾ يحتمل وجهين: أحدهما: القرآن. الثاني: الرسول. ﴿إلا أن قالوا أبعث الله بشراً رسولاً﴾ وهذا قول كفار قريش أنكروا أن يكون البشر رُسُل الله تعالى، وأن الملائكة برسالاته أخص كما كانوا رسلاً إلى أنبيائه، فأبطل الله تعالى عليهم ذلك بقوله: ﴿قل لو كان في الأرض ملائكة يمشون مطمئنين لنزلنا عليهم من السماء ملكاً رسولاً﴾ يعني أن الرسول إلى كل جنس يأنس بجنسه، وينفر من غير جنسه، فلو جعل الله تعالى الرسول إلى البشر ملكاً لنفروا من مقاربته ولما أنسوا به ولداخلهم من الرهب منه والاتقاء له ما يكفهم عن كلامه ويمنعهم من سؤاله، فلا تعمّ المصلحة. ولو نقله عن صورة الملائكة إلى مثل صورتهم ليأنسوا به ويسكنوا إليه لقالوا لست ملكاً وإنما أنت بشر فلا نؤمن بك، وعادوا إلى مثل حالهم.
﴿قل كفى بالله شهيدا بيني وبينكم إنه كان بعباده خبيرا بصيرا ومن يهد الله فهو المهتد ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم عميا وبكما وصما مأواهم جهنم كلما خبت زدناهم سعيرا﴾ قوله عز وجل: ﴿ومن يهد الله فهو المهتدِ﴾ معناه من يحكم الله تعالى بهدايته فهو المهتدي بإخلاصه وطاعته. ﴿ومن يضلل فلن تجد لهم أولياء من دونه﴾ فيه وجهان: أحدهما: ومن يحكم بضلاله فلن تجد له أولياء من دونه في هدايته. الثاني: ومن يقض الله تعالى بعقوبته لم يوجد له ناصر يمنعه من عقابه. ﴿ونحشرهم يوم القيامة على وجوههم﴾ فيه وجهان: أحدهما: أن ذلك عبارة عن الإسراع بهم إلى جهنم، من قول العرب: قدم القوم على وجوههم إذا أسرعوا.