الثاني: لأنه أصلح بقتله حال أبويه. وفي صفة قتله قولان: أحدهما: أنه أخذه من بين الصبيان فأضجعه وذبحه بالسكين، قاله سعيد بن جبير. الثاني: أنه أخذ حجراً فقتل به الغلام، قاله مقاتل فاستعظم موسى ما فعله الخضر من قتل الغلام من غير سبب. ف ﴿قال أقتلت نَفْساً زَكيةً بغير نفْسٍ﴾ فاختلف هل قاله استخباراً أو إنكاراً على قولين: أحدهما: أنه قال ذلك استخباراً عنه لعلمه بأنه لا يتعدى في حقوق الله تعالى. الثاني: أنه قاله إنكاراً عليه لأنه قال ﴿لقد جئت شيئاً نُكراً﴾ قرأ أبو عمرو ونافع وابن كثير ﴿زاكية﴾ وقرأ حمزة وابن عامر وعاصم والكسائي زكيّة بغير ألف. واختلف في زاكية - وزكية على قولين: أحدهما: وهو قول الأكثرين أن معناهما واحد، فعلى هذا اختلف في تأويل ذلك على ستة أوجه: أحدها: أن الزاكية التائبة، قاله قتادة. الثاني: أنها الطاهرة، حكاه ابن عيسى. الثالث: أنها النامية الزائدة، قاله كثير من المفسرين، قال نابغة بني ذبيان:

(وما أخرتَ من دُنياك نقص وإن قدّمْتَ عادَ لَك الزّكاءُ)
يعني الزيادة. الرابع: الزاكية المسلمة، قاله ابن عباس لأن عنده أن الغلام المقتول رجل. الخامس: أن الزاكية التي لم يحل دمها، قاله أبو عمرو بن العلاء. السادس: أنها التي لم تعمل الخطايا، قاله سعيد بن جبير. والقول الثاني: أن بين الزاكية والزكية فرقاً، وفيه ثلاثة أوجه: أحدها: أن الزاكية في البدن، والزكية في الدين، وهذا قول أبي عبيدة.


الصفحة التالية
Icon