أحدها: عن جانب، قاله ابن عباس. الثاني: عن بعد، قاله مجاهد ومنه الأجنبي قال علقمة بن عبدة:

(فلا تحرمنّي نائلاً عن جنابةٍ فإني امرؤ وسط القباب غريب)
الثاني: عن شوق، حكاه أبوعمرو بن العلاء وذكر أنها لغة جذام يقولون جنبت إليك [أي اشتقت]. ﴿َوَهُمْ لاَ يَشْعُرُونَ﴾ أنها أخته لأنها كانت تمشي على ساحل البحر حتى رأتهم قد أخذوه. قوله: ﴿وَحَرَّمْنَا عَلَيْهِ الْمَرَاضِعَ مِن قَبْلُ﴾ قال ابن عباس: لا يؤتى بمرضعة فيقبلها وهذا تحريم منع لا تحريم شرع كما قال امرؤ القيس:
(جالت لتصرعني فقلت لها اقصِري إني امرؤ صرعي عليك حرام)
أي ممتنع: ﴿مِن قَبْلُ﴾ أي من قبل مجيء أخته وفي قوله: ﴿مِن قَبْلُ﴾ وجهان: أحدهما: ما ذكرناه. الثاني: من قبل ردّه إلى أمه. ﴿فَقَالَتْ هَلْ أَدُلُّكُمْ عَلَى أَهْلِ بَيْتٍ يَكْفُلُونَهُ لَكُمْ﴾ الآية. وهذا قول أخته لهم حين رأته لا يقبل المراضع فقالوا لها عند قولها لهم: ﴿وَهُمْ لَهُ نَاصِحُونَ﴾ وما يُدْريك؟ لعلك تعرفين أهله، فقالت: لا ولكنهم يحرصون على مسرة الملك ويرغبون في ظئره. قوله تعالى: ﴿فَرَدَدْنَاهُ إِلَى أُمَّهِ﴾ قال ابن عباس انطلقت أخته إلى أمه فأخبرتها فجاءت فلما وضعته في حجرها نزا إلى ثديها فمصَّه حتى امتلأ جنباه رياً وانطلق بالبشرى إلى امرأة فرعون قد وجدنا لابنك ظئراً، قال أبو عمران الجوني: وكان فرعون يعطي أم موسى في كل يوم ديناراً. وروي أنه قال لأم موسى حين ارتضع منها: كيف ارتضع منك ولم يرتضع من غيرك؟ فقالت: لأني امرأة طيبة الريح طيبة اللبن لا أكاد أوتى بصبي إلا ارتضع مني.


الصفحة التالية
Icon